آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

تنمية مهارة القراءة الحرة في المرحلة الابتدائية

عباس المعيوف * صحيفة الشرق

لا تتحمل الأسرة وحدها إيجاد الطفل القارئ وأقصد هنا بالتحديد ما بعد الصف الرابع الابتدائي، ولكنها مسؤولية المدرسة بالتساوي، فالمرحلة الابتدائية كما قلت سابقاً هي الأساس قبل المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعة، بمعنى أنها هي النواة للزرع والحصاد الذي يأتي في المراحل اللاحقة، لذا من البديهيات في السلوك التربوي والتعليمي توجيه الطفل نحو القرآن الكريم، فهو ربيع القلوب والفاتح لكل باب خير، وكذلك الكتب القصصية والبطولات الإسلامية ورجال القدوة والصحابة والصناعة والتغير والمبدعين والمخترعين، وليس مهماً في هذه الباكورة من العمر إلا تعويدهم القراءة وتعزيز التصاقهم بها والعناق برائحة كتبها. من المهم أن نضع برامج ومقررات وصوراً نبزز فيها أهمية المكتبة داخل المدرسة والمنزل في المجتمع العام، وأن نرسم لهم بأسلوب مبسّط ومريح قيمة الكتاب في صناعة العقل وبناء مستقبله، ونسعى جاهدين لتعويده على عادة القراءة في المجلات المفيدة والنشرات المختصرة ومكافأته بعد ذلك بمبلغ مجدٍ، كل هذا من باب تشجيعه وتوجيهه نحو القراءة، وأن تكون هي جزءاً من حياته وعمله. بعد ذلك نبدأ تدريجياً بالقراءة الحرة والتعريف له بالكتب المفيدة من الضارة.

موضوع زرع حُب القراءة في نفوس أبنائنا وبناتنا ليس بالأمر السهل، ومن الخطأ أن نطالبهم بالتثقيف الذاتي، بل لابد من المدرسة أن تسخِّر ساعات المكتبة في توضيح الطرق والمهارات والمعايير التي من خلالها توضح معالم القراءة تدريجياً، وبالتالي على المعلمين الذين يخافون الله ويحرصون على تأدية الأمانة الحرص على إرشاد الطلاب لأهمية القراءة، وأنا أرى أن أهم أسباب عزوف شريحة كبيرة من المجتمع يرجع لقصور دور الأسرة أولاً والمدرسة المتمثلة في معلِّم اللغة العربية، وأستاذ مادة المكتبة. يشير الدكتور صالح النصار في كتابه «تعليم الأطفال القراءة - دور الأسرة والمدرسة» إلى النتيجة التي وصلت إليها دراسة بوتر وكلاي، التي كانت تبحث في معرفة دور البيت والمدرسة في كيفية تعلم الأطفال القراءة، ووصلت الدراسة إلى أن هنالك كماً هائلاً من البحوث العلمية التي تدعم وجهة النظر القائلة إن اتصال الطفل بالكتب والمواد المطبوعة في البيت قبل التحاقه بالمدرسة له تأثير كبير على نموه المعرفي بعد التحاقه بالمدرسة. وقد يضاف إلى هؤلاء بعض المتخصصين في علوم القراءة والكتابة الذين يستغربون ما عرضه الطبيب ميخائيل ميقار أدو في مجلة فوكس أون هيلث في أحد أعدادها تحت عنوان كيف تربط أبناءك بالكتاب، الذي أشار فيه إلى أن تعليم الأطفال للقراءة يبدأ منذ بلوغ الطفل سن 6 أشهر.

من المهم أن نطرح السؤال التالي: كيف نعوِّد أبناءنا على أهمية القراءة؟ يأتي الجواب كالتالي:

• تدريب أبنائنا وبناتنا على قراءة القرآن الكريم والتأكيد على أهميتها داخل الأسرة

• تكليفهم بقراءة كتاب في سيرة الصالحين والصحابة، وأهل البيت والمصلحين، ونطالبهم بعد ذلك بملخص بسيط جداً حول ما قرأوه

• نحذِّرهم من قراءة كتب التاريخ، التي تولد الأحقاد والأضغان.

• تتحمّل المدرسة دوراً كبيراً في تنمية مهارة القراءة، ويقع ذلك على معلِّّم القرآن الكريم واللغة العربية ومعلِّم مادة المكتبة.

• إدراجهم في حلقات القرآن الكريم ومجالس الذكر والوعظ والتربية.

• تعويدهم على زيارة المكتبات العامة ومعارض الكتاب.

• تخصيص مكتبة في المنزل تحمل عناوين تثقفية وتطويرية وقصصية.

• أن يحرص الوالدان على القراءة أمام أولادهما وبصوت مرتفع.

• استثمار الأماكن العامة مثل الأسواق والمكتبات التجارية للتوعية بأهمية القراءة.

• تفعيل دور وسائل الإعلام الحديثة في توضيح دور الأسرة الحيوي والمهم في تعليم الأطفال القراءة وتنمية هذا الجانب، وماتقدمه قناة العربية في التعريف بالكتب بأسلوب مختصر ومفيد لا يتجاوز الدقيقة لهو خير شاهد.

• تعاون دور عرض الكتب بتخفيض أسعارها حتى تجذب شريحة كبيرة وتساهم في تنمية القراءة الاجتماعية.

لقد حرصت حكومتنا الرشيدة على هذا، فقد طلبت وزارة التعليم من المدارس البدء في تطبيق مشروع القراءة للجميع الذي يُعد واحداً من أبرز المشاريع الثقافية التي تهدف إلى خدمة المجتمع بمختلف فئاته. حيث تبدأ فعاليات المشروع في عدد من المكتبات العامة والمكتبات المدرسية. وتتضمن فعاليات المشروع إقامة عديد من النشاطات المصاحبة ما بين مسابقات وندوات ومحاضرات وإقامة معارض وورش تدريبية حول مهارة القراءة التي تستهدف وتخدم جميع شرائح المجتمع. القراءة ليست هواية كما يقول بعض، القراءة غذاء للعقل، كما أن الأكل غذاء للبدن، لقد أصبحت الكتب متوفرة للجميع عبر المواقع الإلكترونية والمكتبات الضخمة مثل مكتبة جرير مشكورة، فقد خصصت طاولات للقراءة مفتوحة للجميع للاطلاع على أحدث الكتب العربية والعالمية، وهذه خطوة تشكر عليها، بالقراءة تنمو أذهاننا ومن الجميل والرائع أن نزرع ذلك في نفوس أولادنا في سن مبكرة.