آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

تناقضات السياسة القطرية

محمد الحرز * صحيفة اليوم

التناقض الذي تقع فيه السياسة القطرية، وبالتالي لا يمكن تفسيره بأي وجه من وجوه المنطق السياسي هو سعيها الحثيث من جهة في الظهور بمظهر الدولة الحديثة من خلال خطابها الدبلوماسي الذي تدعو فيه إلى الانفتاح والتنمية الشاملة والتعمير وبناء المؤسسات الحديثة وبناء حسن الجوار، بينما من جهة أخرى واقعها السياسي الإقليمي والدولي يقول عكس ذلك. احتضانها الإخوان المسلمين، دعمها الإرهابيين في ليبيا وسوريا واليمن، تحالفها مع إيران. كل هذه السياسات هي بالضد مع سياسات أشقائها في دول الخليج العربي وكأنها تريد بهذا التصرف أن تتبع سياسة خالف تعرف، وذلك إذا ما أحسنا الظن في سلوكها.

لكن ما مآل هذه السياسات؟ مآلها الفشل بالتأكيد. فمن الذي يراهن على الإخوان المسلمين، وعلى خطابهم السياسي المؤدلج المزعزع لأمن المنطقة؟! ومن الذي يراهن على تيارات وميليشيات متطرفة لا تؤمن بالدولة كالقاعدة وحزب الله والحشد الشعبي؟ ومن الذي يريد التحالف مع إيران مع علمه أن الأخيرة هي سبب رئيس في توتر المنطقة وعدم استقرارها أمنيا، ناهيك عن مخططاتها التوسعية الطائفية؟ أليس من الحكمة أن تراعي الحكومة القطرية المصير الحتمي المشترك لدول الخليج سواء كان هذا المصير على مستوى المواقف السياسية أو المعاهدات الاقتصادية أو المشاريع التنموية، وهذا ما قام عليه مجلس التعاون الخليجي وأنشئ لأجله، رغم ما له وما عليه من إيجابيات وسلبيات؟! أليس من الحكمة أيضا أن ينظر الإخوان في قطر إلى تاريخ الحروب والنزاعات بين دول الجوار في العالم كي يتعظوا من أحداثه؟ أليس كل سياسة تستثمر في الإسلام السياسي محكوما عليها بالفشل؟ بناء الدولة الحديثة والقوية لا يأتي من هذا الطريق الشائك الذي لا يجلب سوى الدمار، بل يأتي عن طريق سياسة واضحة وواثقة من نفسها، لا تعتمد على خطابين مزدوجين كالسياسة القطرية، بل على خطاب ثقة متبادلة يقوم على مبادئ وقيم تربى عليها الشعب الخليجي كالمحبة والتسامح والكرم والتعاون، وكلها قيم ينبغي استثمارها في تعزيز اللحمة بين شعوبنا.

المنطقة الآن لا تحتمل المزيد من الصراعات والحروب، ولا تحتمل الفتنة بين الأشقاء. لقد مرت على الخليج أزمات عدة منذ حرب الخليج الأولى والثانية إلى الحادي عشر من سبتمبر ونشوء القاعدة. لكنها ولله الحمد لم يتزعزع أمنها واستقرارها. أما الآن فإننا نواجه أخطر المراحل التي تتطلب منا اليقظة والحذر والتكاتف والتعاون على جميع الأصعدة والمستويات باعتبارنا خليجيين تجمعنا المصالح المشتركة لدولنا وأمنها واستقرارها في ظل النزاعات والحروب التي تحيط بالمنطقة من كل حدب وصوب.