آخر تحديث: 19 / 3 / 2024م - 2:22 م

تعلمت من العيادة النفسية

صالح البراك

أن الحياة مدرسة ومن الجيد لنا والوجب علينا لغيرنا أن نسكب عصارة ما تعلمناه في قالب يمكن الاخرين من الاستفادة منه فزكاة العلم انفاقه ولنا في حفظه لنتذكره بين الفينة والاخرى فالعلم قيد.

1 - تعلمت أن أزدري الأفعال وأحترم الأشخاص.

2 - تعلمت ورأيت تجلي عظمة الخالق الرحيم في ستره المرخى على عباده اناة منه وإمهالاً لهم وليس اهمالا او غفلة عنهم.

«أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سِتْرِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، وَمُعَافَاتِكَ بَعْدَ خُبْرِكَ، فَكُلُّنَا قَدِ اقْتَرَفَ الْعَائِبَةَ فَلَمْ تَشْهَرْهُ، وَارْتَكَبَ الْفَاحِشَةَ فَلَم تَفْضَحْهُ وَتَسَتَّرَ بِالْمَسَاوِي فَلَمْ تَدْلُلْ عَلَيْهِ» الصحيفة السجادية.

3 - تعلمت أن لا أعيّر احد بذنب يمكن ان اقع فيه او أكون مقلل لذنبي ومعظم لذنب غيري وان من عيّر احد بذنب لابد ان يقع فيه او اوشك «وكم ذنب يمتنع منه الانسان صغيرا ليرتكبه كبيرا».

4 - تعلمت أن اغلب مشاكل الابناء والبنات هي لغياب اب او قسوته او اهمال زوج او جهل ام وكلها تندرج تحت ”غياب الحب او الجهل بالمعلومة او آلية تطبيقها“.

5 - تعلمت أن اكون اكثر واقعية واكثر تفهماً وتقبلاً لواقع مجتمعي وأن أقلل من نظرتي المثالية لافراده ومكانتهم.

6 - تعلمت ان أتعمق واتدبر أكثر في المفاهيم والاحكام الشرعية التي لازال الكثير من المجتمع يمتعض منها او لا يستسيغها او يقبل بها وينأى بنفسه عنها فلو طبقت او عمل بها لكنا في مأمن ولحلت الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية.

7 - تعلمت أن أنظر بعين الإنسانية والتعاطف مع حاجات الناس على اختلاف آلامهم وآمالهم تقديرا لظروفهم ومعاناتهم والتماس الأعذار لهم.

8 - تعلمت بان فشل كثير من الناس في كبرهم تتجذر اسبابه في صدمات نفسية منذ الصغر بقيت سدا منيعا دون تقدمهم ومن اسوئها ماله علاقة بالعنف او التحرش.

9 - تعلمت أن التفكير في مشاكل الناس والاسهام في ايجاد الحلول المناسبة لها أمر ضروري للحؤول دون استمرارها او تكرارها او التخفيف من وطأتها والتقليل من اثارها فبقائها ربما يعم الجميع وانا واحد منهم.

10 - تعلمت أن التوغل في قصص الناس وجراحاتهم ومآسيهم اكثر مما يجب يعيق تحقيق النتيجة المرجوة والدعم النفسي المطلوب لذا يجب تحكيم العقل والعاطفة معا وتغليب لغة العقل للوصول الى المساعدة والمنفعة المرجوة.

11 - تعلمت ان ما من انسان يدب على هذه الارض الا وهو يعاني او مبتلى بأمر ما قد يكون ذلك الابتلاء ظاهر للعيان وقد يكون مستور عن الناس وصدق من قال من ابصر ضر غيره هان عليه ضره.

12 - تعلمت ان الفارق بين ما نصبو اليه من الوعي النفسي والاجتماعي والتربوي وبين الواقع المعاش ما زال بعيد جدا.

13 - تعلمت وعاينت مقاساة المراة في مجتمعنا اما لتعجرف اب او اخ او من تسلط زوج او نكران جميل او عقوق من ابناء او بنات او من عُرف اجتماعي يخنقها ويطيل امد معاناتها لا يقل سوء، بإسم الدين وحب الاصلاح جهلا بالحكم حينا وجهلا بآلية تطبيقه او انتقاماً حينا اخر.

14 - تعلمت ان الانحرفات السلوكية لا تأتي فجأة وانما معظمها يأتي بالتدريج من خلال البيئة والاجواء والظروف المهيأة لذلك.

15 - تعلمت أن مجتمعنا ما زال يقدس الصور الظاهرية لسمعته على حساب صحته وصحتة ابناؤه النفسية ويخشى الوصمة الاجتماعية ويقدمها على قناعته العقلية والدينية.

16 - تعلمت أن مرتدوا الاقنعة الزائفة في مجتمعنا كثر وبأشكال مختلفة خادعة ليظهروا انفسهم بصورة الحمل الوديع ولكنهم في الواقع ذئاب او وحوش بشرية كان لهم بالغ الاثر في تحطيم شخصية ابنائهم وزوجاتهم ومعاناتهم النفسية «لو تكاشفتم لما تدافنتم».

17 - تعلمت ان المؤثرات الخارجية اكثر وطأة وتأثيرا على ابناء جيلنا الحالي فهم يستقون قيمهم من خارج منظومتنا الفكرية والتي تزودهم بها وسائل التواصل الحديثة واذا ما اردنا مخاطبتهم اوتغير قناعتهم او تعديل سلوكهم علينا اولا معرفة مفردات قيمهم وتقيم حجم وعمق تأثرهم.

18 - كلما طال مقامي في العيادة ومقابلة المزيد من الحالات يزداد يقيني حينها اكثر اني ما زلت في بداية الطريق وعلي تعلم المزيد واتقان المزيد اذا ما اردت ان افيد واستفيد.

19 - تعلمت ان هناك مفارقة بين النظرية والتطبيق على أرض الواقع فليس كل ما يتم تعلمه يمكن او يسهل تطبيقه وانما علينا المقاربة بين النظرية والخلفية الاجتماعية والمستوى التعليمي والموائمة بين النظرية وسمات الشخصية للحالة وشدتها ومدتها ومدى استعدادها.

20 - كثير من افراد مجتمعنا يسئ للدين او المتدينين من خلال الفهم او التطبيق الخاطئ للدين ويستخدم عصى الحقوق والقوامة من اجل ابتزاز الشريك وربما نفّر الابناء من الدين بسبب ذلك «المتعبد من غير فقه كحمار الرحى يدور ولا يبرح».