آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:01 م

العيد يوم جائزة

الشيخ حسين المصطفى

أهم المعاني القلبية: النية والإخلاص - حب الله والأنس به - الرضا والشكر والصبر. وأكبر نقطة ضعف في وعي الإنسان هو إهماله لشؤون القلب والروح.

إنَّ السعادة القصوى، بعد صيام شهر رمضان، تنبع من إحساسنا بمباهج التقرب إلى الله والانتصار على الأهواء والمغريات والشهوات.. يقول الإمام علي : ”إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ: لِمَنْ قَبِلَ اللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ، وَكُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اللهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ“.

فالعيد يوم فرح يتخفف فيه الإنسان من بعض ألمه وبعض حزنه؛ لأنَّ الحياة بكل أحداثها وتطوراتها تخترق أمن الإنسان وصحته وأوضاعه الاقتصادية..، وبذلك فلن يستطيع إنسان أن يعيش الفرح الكبير، لأنَّ فرحه يبقى - عادة - مجرد فرح ممزوج بألم.

يقول الإمام علي في كتاب وجهه لعبد الله بن عباس: ”أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَيَفْرَحُ بِالشَّيءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَيَحْزَنُ عَلَى الشَّيءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ فَلَا يَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ دُنْيَاكَ بُلُوغُ لَذَّةٍ أَوْ شِفَاءُ غَيْظٍ وَلَكِنْ إِطْفَاءُ بَاطِلٍ أَوْ إِحْيَاءُ حَقٍّ وَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَأَسَفُكَ عَلَى مَا خَلَّفْتَ وَهَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ“..

إذن الفرح الحقيقي هو ما أشار إليه سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.. فافرح بفضل الله عليك، وافرح برحمة الله عليك، فإنّ فيه معنى الحب والرضا؛ فهو سبحانه يفتح أبواب رحمته عليك، ويحتضنك في مصيرك بكل عطفه ورحمته.

وقد اختصر أمير المؤمنين فرح العيد في هذا الاتجاه القرآني فقال: ”إنما هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ وَكُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ“.. فإذا كنت في أشد حالات ألمك، وفي عمق مشاكلك وحاصرتك الحياة بكل مشاكلها، وكان الله راضياً عنك، فذلك هو الفرح والسعادة الحقيقية.

فالعيد هو يوم جائزة لم أطاع الله في سلوكه وقوله.. قال النبي ﷺ لجابر: ”إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ نَادَى مُنَادٍ: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ اغْدُوا إِلَى جَوَائِزِكُمْ“. ثم قال: ”يَا جَابِرُ جَوَائِزُ اللَّهِ لَيْسَتْ بِجَوَائِزِ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ“.

فعلينا أن نعيش الطاعة عقلاً وقلباً وحركة وحياة حتى نحصل على تلك الهمسة الروحية ونحن نودع هذه الحياة ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي.