آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

الشهيد الأستاذ أمين آل هاني... المثل والقدوة

ميثم المعلم

الكتابة عن شهيد القرآن الأستاذ أمين آل هاني أمر لا يخلو من مشقة وصعوبة، فالشهيد قد امتد نشاطه وعطاءه لأكثر من ثلاثين سنة، وكانت حياته مملوءة بالإنجازات والنجاحات الكبيرة والكثيرة والمتميزة على مختلف الأصعدة الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية، لذا ليس من الانصاف والعدل بمكان أن أدعي إني ما سأكتبه عن شهيد القرآن الأستاذ الكبير أمين آل هاني سيكون وافيًا ومحيطًا بكل جوانب شخصيته وأخلاقه وأنشطته وانجازاته، وإنما هي إشارات ورؤوس أقلام فقط.

إن شهيد القرآن وفقيده الأستاذ أمين آل هاني، نذر نفسه للإسلام، وأفنى عمره المبارك في خدمة كتاب الله تعالى، وإضافة إلى هذا فإن حياته وأنشطته وإنجازاته وأعماله القرآنية والاجتماعية تمثل فصلا ً مهمًا من تاريخ المنطقة بشكل عام ومدينة صفوى بشكل خاص، حيث سيظل الشهيد الأستاذ أمين آل هاني خالدًا بذكراه العطرة، التي تعد مثالا ً ونموذجًا للقيم والعطاء يتأسى به الشباب والشابات.

كان الشهيد السعيد الأستاذ أمين آل هاني رضوان الله تعالى عليه مثلا ً وقدوة في مختلف أبعاد حياته وذلك عبر الجوانب التالية في شخصيته:

الجانب الديني

كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني مثالا ً للإنسان المتدين المخلص العامل، فقد كرس جل وقته في بيان ونشر معارف علوم القرآن الكريم ومفاهيمه وقيمه ومبادئه لجميع أفراد المنطقة صغارًا وكبارًا، ذكورًا وإناثًا وبالخصوص للجيل الناشئ، وقدم الكثير الكثير من الأعمال والإنجازات في الجانب الديني وترك بصمات جليلة وواضحة تمثلت في تأسيس العديد من المشاريع الدينية، ونشر الثقافة القرآنية، وإقامة المراكز القرآنية المتميزة، وتطوير الأنشطة الدينية، فهو شخصية إيمانية نشطة، وعقلية إسلامية واعية، وطاقة دينية كبيرة، وبرحيله فقد العمل القرآني في منطقة الخليج رجلا ً من أبرز رجاله المخلصين الذين نذروا له جهدًا كبيرًا، وعونًا عظيمًا.

قال رسول الله ﷺ: «خيركم منْ تعلم القرآن وعلمه».

الجانب الأخلاقي

كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني يتميز بأخلاق عالية جدًا، فهو دمث الأخلاق، حلو المعشر، كريم الشمائل، طيب النفس، رقيق المشاعر، واسع الصدر، متواضعًا، كريمًا، وفيًا، محبًا للناس، يدعو للأخلاق الفاضلة ويسعى لها، ويشجع عليها، بشوشًا، الابتسامة لا تفارقه لحظة.

فحينما تسأل أي شخص التقى بالشهيد أمين آل هاني في أي مكان أو أي مناسبة، سوف يقول لك إنه يتميز بأخلاق عالية، الأمر الذي انعكس حب الناس له وانجذابهم إليه، وبإجماع أصدقائه وزملائه ومعارفه يقولون كنا كلما ازددنا من الشهيد أمين آل هاني قربًا ازددنا له حبًا، لأنه كان يمتلك أحاسيسًا إنسانية راقية، وعواطفًا فياضة، وسيرة أخلاقية عطرة.

قال رسول الله ﷺ: «أفضل الناس إيمانًا أحسنهم خلقًا». وكان مصداقًا لكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم».

الجانب التعليمي

قليل هم في الحياة من يرحلون بتاريخ وبصمة تبقى في ذاكرة التعليم والأجيال، وهو حال شهيد القرآن الأستاذ الكبير والمربي الفاضل أمين آل هاني، فهو أحد رموز التعليم في مدارس الهيئة الملكية بالجبيل، وفي حياته شهدت مدارس الهيئة الملكية تطورًا ملحوظًا في تعليمها، وهو أمر يحسب للشهيد، فهو صاحب فكرة إدخال التعليم الالكتروني لمدارس الهيئة، وهو صاحب فكرة إنشاء مركز لتقنيات التعليم، وهو صاحب فكرة إنشاء أندية التفكير في مدارس الهيئة، وهو مشارك في وضع خطط استراتيجية على مستوى مدارس الهيئة الملكية، وهو صاحب الكثير من الأفكار التطويرية والمبادرات التربوية والتعليمية لمدارس الهيئة الملكية بالجبيل، ومن هنا لا بد أن نذكر مآثره في خدمة التعليم، فلا ننسى حرصه  رضوان الله تعالى عليه  تطور العملية التربوية والتعليمية في مدارس الهيئة الملكية على يديه. إن التعليم برمته حزين اليوم لفقده معلمًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

الجانب الاجتماعي

كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني يتمتع بشبكة علاقات اجتماعية قوية وواسعة جدًا، تقوم على أساس المحبة والوفاء والاحترام والتقدير، مما جعله شخصية اجتماعية بارزة محبوبة من قبل الجميع، حيث عمل بشكل دؤوب وسعي دائم لتطوير مجتمعه من خلال مساهماته ومبادراته وتعاونه مع مختلف المؤسسات الاجتماعية في المنطقة، مما كان له بالغ الأثر في دعم وتطوير الأنشطة والمشاريع الاجتماعية.

الجانب الثقافي

كان الشهيد الأستاذ أمين آل هاني مثقفًا من الطراز الرفيع، وكاتبًا قديرًا، ومتحدثًا بارعًا، وخطيبًا مفوهًا ذو أسلوب جذاب ممتع يمتاز بالعذوبة والفصاحة، وكان يشارك بشكل مستمر في العديد من الأمسيات والفعاليات القرآنية والمناسبات الدينية والاجتماعية والثقافية.

ومن أقوال الشهيد أمين آل هاني في مقالاته في الفيس بوك: عن العلاج بالحب الصادق «أظهر حبك لولدك يتغير... أظهر حبك لتلميذك يتغير.. أظهر حبك لزوجتك تتغير... أظهر حبك لصديقك يتغير.. أظهر حبك لمديرك يتغير... سنأخذ بالحب الصادق ما لا نستطيع الحصول عليه بالأوامر الصارمة والقاسية».

ومن أقوال الشهيد عن مكانة المعلم: «المعلم يا سادة يا كرام، لو عدنا أربعين سنة للوراء لتذكرنا المكانة التي كان يحظى بها المعلم، فهو بالإضافة إلى كونه معلمًا يعد القدوة، والمرجع، والصديق، وإليه يلجأ الناس في حل مشاكلهم.

ذات يوم كان هذا «المعلم» هو الرقم الأصعب في إحداث التغيير الاجتماعي ومواجهة مشكلات المجتمع، ولا يستطيع أي شخص مهما كان موقعه الوصول في قوة التأثير التي لدى المعلم.

يا سادة يا كرام إن المهندسين، والأطباء، والتجار، والكتاب، ورجال الفكر، والدين، والسياسة، ورجال الأدب والفنون، جميعهم تخرجوا من تحت يد معلم لا يستطيع اليوم شراء أرض صغيرة، ولا يحلم بامتلاك منزل!!».

إن الأستاذ أمين آل هاني ولد إنسانًا طيبًا، وعاش رساليًا نشطًا، ومات مظلومًا شهيد ًا.

لقد رحلت عنا في هدوء وصمت من دون أن تودعنا، وتركت في نفوسنا حزنًا عظيمًا، وفي عيوننا دمعًا كثيرًا، وفي قلوبنا ألمًا كبيرًا.

وداعًا أيها الشهيد، وداعًا أيها الأخ الوفي، وداعًا أيها الصديق الطيب، وداعًا أيها الأستاذ الكبير، وداعًا أيها المعلم المخلص.

رحمك الله يا أبا أحمد ونسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يدخلك الفسيح من جناته، وأن يحشرك في زمرة النبي وأهل بيته الأطهار، وأن يلهم أهلك وذويك وأصدقائك ومحبيك الصبر والسلوان.