آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:25 ص

الدبلوماسية العابرة للطوائف!

حسن المصطفى * العربية نت

نشاط دبلوماسي سعودي في لبنان، قائم على التواصل وبناء الجسور مع رموز ومكونات المجتمع المختلفة، من خلال الزيارات التي يقوم بها القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد بخاري، والذي التقى رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، حيث أيد بخاري تشديد قبلان على ”الوحدة العربية والإسلامية، وعلى القيام بكل ما فيه خير لشعوبها“.

بعد قبلان، زار بخاري منزل العلامة الراحل السيد هاني فحص، مشيدا بدوره ك ”ركيزة من ركائز الاعتدال والتسامح الديني والفكر المستنير في لبنان والمنطقة، وأن فقده كان خسارة كبيرة لهذا النهج الذي نحن بأمس حاجة اليه في أيامنا“.

هذه النشاطات القائمة على تعزيز المشترك الثقافي، ليست وليدة يومها، بل تأتي ضمن دبلوماسية بداتها السفارة السعودية في بيروت، من خلال سلسلة من الزيارات والندوات، في بلد يمثل مصدرا مهما للفكر وصناعة الكتاب في الوطن العربي.

وبالرجوع إلى شهر إبريل الماضي، وتزامنا مع ذكرى اندلاع الحرب الأهلية في لبنان 13 إبريل 1975، أقامت السفارة السعودية ندوة ثقافية بعنوان ”الإمام الصدر نهج واعتدال“. مستذكرة فكر ومواقف شخصية كانت تؤمن بالمساواة بين البشر، وبأن الوطن مساحة تتسع لجميع أبنائه.

كان الصدر نقيضا لـ ”الحرب الأهلية“، وكان يسعى بانفتاحه على جميع المكونات الدينية في لبنان والعالم العربي، أن يؤسس لتفاهمات سياسية وثقافية، تكون شبكة أمان ضد الأزمات والحروب، وتخلق بيئة يعيش فيها الإنسان بعزة وكرامة.

في العام 1974 زار الإمام موسى الصدر السعودية، والتقى الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز. أضف لذلك أن الصدر كانت تربطه علاقات شخصية منذ بداية السبعينيات بالراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، حين كان أميرا، حيث جمعتهم العديد من المناسبات واللقاءات الخاصة.

استعادة ذاكرة العلاقة بين الصدر والسعودية في هذا التوقيت، وبعد زيارة السيد مقتدى الصدر للسعودية والإمارات، يكتسب أهمية خاصة، ويعزز من الموقف العقلاني المضاد للخطاب الطائفي. حيث أن من شأن البناء على هذه الذاكرة، وما لعائلة ”الصدر“ من حضور ديني وفقهي في الخليج، أن يدفع نحو إقامة علاقات إيجابية مع الأصوات المعتدلة والتي تدعم استقرار وأمن المنطقة.

إن ”الثقافة“ والحوار والتواصل، تحضر هنا بوصفها أدوات للدبلوماسية السعودية الفاعلة والبناءة. وهي أدوات قادرة على مد الجسور، وتكريس الحوار كمخرج حقيقي من حال التأزم التي تسود المنطقة اليوم.

الدبلوماسية لها أدواتها ”الناعمة“، والتي قد يستخف بها البعض، أو يحتقرها، أو يعتبرها غير ذات معنى. متناسيا أن مفهوم العلاقات الدولية يقوم في أساسه على التواصل، والتفاوض، وخلق تسويات وتفاهمات، وملاقاة الآخرين في منتصف الطريق.

ليس بالأمر السهل رسم خطة عمل سياسية تعتمد في أدواتها على القوة ”الناعمة“. لأن هذه القوة تحتاج إلى مهارة كبيرة، وإلى عمق في الفهم الثقافي والاجتماعي، وأيضا منفذين خبراء، يستطيعون فهم التناقضات التي تسود المجتمع، ويعبرون بين الألغام بسلام.