آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

حق المرأة في قيادة السيارة

محمد الحرز * صحيفة اليوم

وأخيرا جاء الأمر السامي في اعطاء المرأة حق قيادة السيارة في بلدي، الأمر الذي يشكل انعطافة أخرى من ضمن الانعطافات الكثيرة التي تضع المملكة على طريق المستقبل وتضعها في مصاف الدول الكبرى. ولا ريب أنها الرؤية التي لا محيص عنها للذهاب بجيل كامل من شباب المملكة رجالا ونساء في التطلع بغد مشرق. 

الملك ونائبه حفظهما الله هما الضمانة على مثل هذا الذهاب، هما قلب الرؤية ومحركها من العمق، ولا بد للمجتمع السعودي أن يستثمر هذه اللحظة بكل ما جمع من قوة ولا يتوانى مطلقا في التشبث بكل مفصل من مفاصلها. الأمر السامي سوف يفتتح عصرا مشرقا سعوديا ليس للمرأة فقط وإنما أيضا للرجل، مشرقا في علاقة كل منهما بالآخر ليس على الصعيد الاجتماعي، وإنما على الصعيد الاقتصادي والفكري والتربوي، وسيكون على كل منهما أن يغير الصورة النمطية التي يحملها ضد الآخر. فالكل يعلم أن السنوات الفائتة والتي كان فيها يمنع قيادة المرأة للسيارة شكلت مصاعب كبيرة على المجتمع السعودي ليس أقلها حالة الارتباك التي تنتاب العلاقة الطبيعية بين الجنسين سواء في الأماكن العامة أو أماكن العمل وغيرها. ناهيك عن الضغط النفسي والإعلامي الذي عانته المملكة على المستوى الدولي، والكثير من الذين يصطادون في الماء العكر. 

صحيح أن ظاهرة عدم قيادة المرأة للسيارة بالنسبة لوجهة نظر الآخرين تشكل ظاهرة غريبة بسبب فرادتها وغياب حدوثها في العصر الحديث للمجتمعات. لكن الصحيح أيضا أن لكل مجتمع ظواهره التي ترتبط به تاريخيا واجتماعيا، والتي بالتالي تميزه عن المجتمعات الأخرى، وإلا لما كان هناك مبرر لوضع مثل هذه التميزات بين مجتمع وآخر، خصوصا في الدراسات السيسيولوجية. فالجميع يعلم أن التطور سواء إيجابيا أو سلبيا على مستوى الظواهر الاجتماعية لا يأتي في يوم وليلة، إنه تطور يأخذ في الحسبان العامل الاستراتيجي الذي من أهم ركائزه تطويع الظروف المختلفة والصعبة مع مراعاة الوقت والزمان، والأمر السامي الحكيم الذي جاء في وقته هو في قلب هذا التطور، ولا عزاء للذين يريدون أن يوقفوا عجلة التطور والنمو، حيث لابد للإرادة والتغيير للأحسن التي تنهض بيد الشباب فهي الرافعة التي ستقود أبناء وطني لبناء مستقبل الوطن، وستعمل المرأة كحق طبيعي لها دون إثارة أي حساسية تمنعها من أداء دورها التاريخي، ووظيفتها في العيش المشترك.