آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

قراءة في تاريخ علم التربية «2»

السيد محمد رضا السلمان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي[1] .

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

جاء في فضل يوم الجمعة عن الإمام الصادق : «إن المؤمن ليدعو «في الحاجة» فيؤخّر الله حاجته التي سأل إلى يوم الجمعة ليخصه بفضل يوم الجمعة» [2] .

وفي الحديث أيضاً عن الإمام الصادق فيما ورد من فضل هذا اليوم: «من صلى على محمد وآل محمد كتب الله له مئة حسنة» [3] .

دور الأب والأم في التربية:

لا زال حديثنا موصولاً بما تقدم في الأسبوع الماضي حول التربية وما لها من أثر في الناشئة ورجال المستقبل بناة الحضارة.

والمفصل الثاني هو التربية الأسرية وأهميتها، ولها مقدمات طويلة عريضة، إذا ما أخذنا بها وضعنا أساساً محكماً للأسرة، لا بد أن يترشح على الأطراف وينعكس على المركز في داخل الأسرة المتمثل بالبنين والبنات.

فالدور الأول مناط بالأب والأم: ولا بد من التفاهم على خطة عمل لبناء مكون الأسرة قبل الزواج وأثناءه. فمن الجميل أن يكون ثمة مجلس يجتمع فيه الأب والأم لتداول ما جرى وما يجري وما ينبغي أن يجري. فنحن نفتقر إلى لغة الحوار مع شديد الأسف في الكثير من مكوناتنا الأسرية، فالأسرة عندنا عبارة عن أب متسلط وأم ضعيفة، لا حول لها ولا طول، لا تستطيع أن تفصح عما يجول في خاطرها، وما تتمناه لنفسها ولزوجها وما تفرع وتناسل منهما.

هكذا تُحكَم الكثير من الأسر، لذلك تأتي النتائج كما نقرأ في بعض المواقع المعينة، وإلا فنحن بحمد الله تعالى نفخر بشبابنا وأبنائنا في أغلب المواقع، لأن أساس الأُسَر كان طيباً، بُني على التفاهم والحوار، فإذا غاب هذا المبدأ في الأسرة انعكس على كل السلوكيات خارجها، لذا علينا أن نحصّن هذا الموقع، ونؤمّن له ما يمكنه من الاستمرار والهدوء والاستقرار والسكينة في ظل هذا المفهوم الجميل ذي الغطاء الشرعي، ألا وهو الحوار، مع احترام متبادل بين الطرفين.

وأؤكد هنا على الأب أن يرفع يده عن شيء من السلطة التي تجعل منه شبحاً مخيفاً يلف جميع جوانب البيت، وليترك شيئاً من تلك السلطة للزوجة كي تعيش عزتها وكرامتها وشرفها وموقعيتها والمسؤولية المناطة بها وهي الأساس، فمتى ما عاش الإنسان جوّاً إرهابياً في جميع المربعات لا يستطيع أن يتحول إلى إنسان منتج وأن يكون المنتَج صالحاً للاستعمال، على العكس من ذلك إذا سادت لغة الحوار ومبدأ الاحترام للآخر، فإن هذه الأجواء سوف تهيّئ نتاجاً طيباً، من السهل أن يتعاطاه الآخرون.

دور الإخوة والأخوات:

والأمر الثاني دور الإخوة والأهل: وهو دور كبير، ففي الكثير من الأحيان يكون الابن مسبوقاً بإخوة تناط بهم مسؤوليات كبيرة، وأحياناً لا بد للأخ الأكبر أن يلعب دور الأب، لكنه الدور المهذب الذي أوضحناه قبل قليل. وكذلك الأخت الكبرى عليها أن تلعب دور الأم، ولكن بنفس المواصفات التي طرقنا بابها وتمت الإشارة إليها.

وإذا وجدت أن أحد أبناء الأسرة أو بناتها يمارس دوراً سلطوياً فهو معلول إلى واحد من اثنين:

1  أنه يرى أن السلطة والقوة وفرض الأمر الواقع تمت ممارسته من قبل الأب والأم.

2  أن يكون ما صدر من هؤلاء هو بسبب ردة فعل معينة، إما أن تكون مستصحبة أو مكتسبة، ونتيجتها الدمار والضياع والشتات.

التعسف في استخدام الولاية على الولد:

لذلك ليس للأخ الأكبر والبنت الكبرى على إخوانهم السلطة والولاية، وإنما لكل واحد من أبناء الأسرة سلطته وولايته على نفسه. نعم، يبقى للأب والأم نحوٌ من أنحاء السلطة التي شرعها الشارع المقدس لصالح هؤلاء الأبناء والبنات، لا أنها سلطة التعسف والظلم والإجرام.

تصوروا أن بعض الآباء والأمهات يفرطون في استخدام حق السلطة والولاية المقروءة خطأً، لا كما أريد لها أن تكون لصيقةً بالشرع، والبعض عندما يريد أن يضرب الشرع يتمسك ببعض القضايا التي هي مصاديق خارجية، فما يصدر في الخارج ليس بالضرورة أن يكون هو الدين، إنما هو ادعاء ممن يمارس الدين.

فالشرع المقدس طرق أبواب الضرب في منطقة معينة، في وقت معين، لقضية معينة، بصفة معينة، ونظّر له في أبواب الحدود والديات والتعزيرات وما إلى ذلك، لكن على أن لا يذهب صاحب الشأن إلى البعيد.

لقد أشرت في بعض الأيام إلى أنك لو ذهبت إلى بعض المستشفيات التي تعنى بالجروح والصدمات والكدمات والكسور، تجد بعض القضايا الصادمة، فكم من أب تسبب في فقدان ابنه أو بنته حاسة السمع! وهذا استخدام سيئ قبيح للولاية، واستغلال مفرط للقوة في التربية. وكم من ابن أو بنت فقدوا حاسة البصر بسبب الضرب من الأب.

وكم من ابن أو بنت كسرت يده أو رجله، ولكم أن تذهبوا إلى أقسام العظام في المستشفيات لتجدوا الإفراط في الإجرام، الذي يلبس لباس الدين.

ومما يصيبك بحالة من الذهول والصدمة أن تسمع عن فلاناً من الناس من ذوي الشأن أنه صدر منه ذلك!. فهو من أهل الصف الأول، ومن الذين يُثقلون على صدورهم باللطم على الحسين وممن يمشي من البصرة إلى كربلاء، ولا يخلعون السواد من أبدانهم حتى يتقضى شهر صفر، وإذا به يمارس هذا المنكر.

وأما الحالة بين الأزواج والزوجات، فدونك المحاكم لترى العجب العجاب. من أنوف مكسرة، وأسنان مهشمة، وأبدان منهكة، وهو إفراط في القوة، وسوء استخدام لحق الولاية والسلطة.

أترى لو كان النبي ﷺ اليوم بين ظهرانيّ هذه الأمة هل يقرّ لها بمثل هذا؟ أو ينزل بها أشد العقوبات ويحجر عليها؟ ويقنن دائرة التصرف في مبدأ الولاية؟ فهو مبدأ مقدس ومحترم، ومن دونه تنحلّ عرى الأُسر، ولكن ينبغي أن يبقى في إطار ما قُنِّن وشُرّع.

إن المهم في هذه المرحلة هو تحديد المهام والأدوار، بين الزوج والزوجة من جهة، والزوجة والزوج وبين الأبناء في الطرف الآخر من جهة أخرى، لكي يدرك كل واحد من هؤلاء ما له وما عليه كي تستقيم الأسرة.

إن البعض ربما يحاول أن يصلح ما أفسد الدهر، بعد أن سلك سلوكاً ما مع أهله، ولكن هيهات، يقول الشاعر:

جراحات السنان لها التئامُ ولا يلتام ما جرحَ اللسانُ

فالبعض قد يدعي أنه لم يصل لمرحلة الضرب، إنما يكتفي بالألفاظ غير اللائقة، ولكن هذا لا يقل أثراً عن الضرب، بل قد يفوقه في بعض الأحيان، عندما يصل إلى أقدس المقدسات.

تقول إحدى الأخوات: كيف يمكنني العيش مع من يصبّحني بسب المذهب ويمسّيني بسب الدين؟!

العلاج بالدين لا بالخرافة:

إن الحل يتمثل بالعودة إلى الأصل، وهو الدين، وأن نقرأه قراء صحيحة، لا قراءة عوجاء. فنحن ندخل في شهر محرم ونخرج منه، وآلاف المنابر تصدح، لكن الكثير منها مع الأسف يصدح بالخرافة والأحلام وتسفيه عقول المستمعين، بل ترى بعض المجالس عامرةً بالحضور ويرفعون أصواتهم بالصلوات، فيما يسفه الخطيب أحلامهم! فأي أمة؟ وأي جمهور هذا؟ وأي وعي نتحدث عنه؟ ومتى نقول لأمثال هؤلاء كفى؟

فمنهم من يريد أن يعالج العقم بدم المطبّرين! ومنهم من يريد أن يعبر عن تقديسه أهل البيت فيسمي نفسه «كلب» فلان أو فلان، ويسوَّق لذلك ويروَّج؟ والأنكى من ذلك كله أن يفتي من يسمي نفسه مرجعاً باستحباب ذلك!.

إن المشكلة الرئيسة هي في البيت، وأساس البلاء هنا، فإن أنت لم تربِّ أبناءك على روح الحوار والنقاش، وعلى الجدل بالتي هي أحسن، فستكون العواقب وخيمة بلا شك، ولا تستوحشوا من الجدل والاعتراض على رجل الدين والخطيب والواعظ، فهذا مبدأ قرآني: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[4] ، فكما أنكم تعترضون على أساتذتكم في المدارس وتجادلونهم في مسألة علمية، وتستفهمون منهم، اعترضوا واستفهموا من غيرهم، فالسؤال مفتاح المعرفة، فلماذا نُباع مجاناً في المزاد العلني؟.

خطر الجهل والخرافة:

إن العالم بأسره يتطلع اليوم إلى مدينة علم محمد وآل محمد التي لم تكشف أسرارها بعدُ، فيما نحن لا نسوّق إلا للخرافة والتشجيع عليها. نعم، إننا نحترم المرجعية ونجلها، والقرار والرأي النهائي لها، ولكننا نحترمها إذا احترمت الموازين والقيم، فإن أراد بعضها أن يسفّه أحلامنا ويبيع كرامتنا ويجعل منا غافلين نغض الطرف عما نجري من حولنا، فعلينا أن نقول لها: لا، وألف لا.

هنالك سبع وعشرون قناة تبث الجهل والغباء والتخلف والسخافة، وتبارَك بفتوى بعض المرجعيات، ويراد منا أن نرفع الصلوات من أجلها، والدعاء من أجل حفظها وسلامتها.

أقول لهؤلاء: ابحثوا عن غيرنا، أما نحن فنقول: لا وألف لا، لن نعطيكم بأيدينا إعطاء الذليل، فأهل البيت شرفٌ وكرامة وسمو ورفعة وعطاء وتضحية وتطهير، وهم في الأمة كالشمس في الوجود. فكما أننا لا نستطيع أن نقرأ الوجود من غير شمس ساطعة، فكذلك لا نستطيع أن نقرأ العالم قراءة صحيحة من حولنا، وهو يسير في هديه ومساره نحو الهدف، إلا من خلال أئمة أهل البيت ولكن من خلال ما قدموه من الأصيل لا ما يراد أن يسوق لهم من الدخيل علينا.

ولا يستطيع أحدٌ أن يجلدنا بالمرجعية، فالمرجعية محترمة عندنا، وعملنا بآرائها دليل الاحترام لها، ولا ينبغي لأحد أن يزايد علينا في هذا الأمر، كما أنه ليس من حق أحد أن يزايد على إيمان فلان وفلان، أو محبة فلان وفلان. ولكن من حقنا أيضاً أن نبدي آراءنا فيما لا يتعلق منها بمساحة الفتوى والتقليد.

لاحظوا مثلاً أن هنالك سبعاً وعشرين قناةً تبث الجهل كلها تتبع مرجعية واحدة، ولدينا طابور من المرجعيات في النجف لأشرف وقم المقدسة، في منتهى العجز عن إطلاق فضائية واحدة تقدم لنا أهل البيت كما ينبغي، فأين الخلل يا ترى؟.

التربية خارج محيط لأسرة:

هذا عن التربية داخل الأسرة، أما التربية خارج الأسرة فهي انعكاس لما في داخلها، فإن طابت الأسرة في الداخل طابت في الخارج أيضاً، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، ولا تنتظر مجتمعاً راشداً كاملاً متكاملاً فيما بين أفراده، إلا من خلال أسرة صالحة كملت في داخلها، فأفضت إلى الكمال في الخارج. فالمحيط الأول خارج الأسرة هو محيط المدرسة، فالولد في البيت يرى إخوته وأخواته، وأبناء عمه وعماته، وخاله وخالاته، وثقافة هؤلاء جميعاً يفترض أن تكون من نسيج واحد أصيل من داخل المنزل، لكنه عندما يذهب إلى المدرسة تتغير الأحوال وتتبدل، فالآثار المباشرة وغير المباشرة في تشكيل شخصية الطفل المبكرة منوطة بهذا المحيط الجديد، لأنه أوسع دائرة، بعكس الأسرة الدائرة الأصغر.

وهذا المحيط المدرسي عبارة عن مكون اجتماعي خاص له قواعده التي يبني عليها، ومساحاته التي يتحرك فيها، وهم الأطفال الجدد الذين سيلتقيهم هذا الطفل ذي الست أو السبع سنوات، فيرى ابن الجيران الذي لم تكن هنالك فرصة للقاء بينهما من قبل، فيجلس معه ويتحدث ويلعب. وكذلك جيران الجيران والحي الآخر، وهكذا. وهذا ا لجار غير ذاك الجار، وهذه الأسرة غير تلك من حيث العادات والسلوك والطبائع وغير ذلك، وإن كانوا جميعاً من أسر محترمة، ولكن مع ذلك قد لا يكون الابن سالكاً سلوك أهله. فهنالك أسر محترمة وأبناؤها بالعكس، والعكس بالعكس أيضاً.

فيبدأ التلاقح والتأثير بين الأفكار والعادات والسلوكيات والطبائع، ففي بعض البيوت يكون قاموس السب والشتم واللعن المتبادل بين الزوجات والأزواج، أو بينهما من جهة وبين الأولاد من جهة أخرى هو السائد والمحفوظ في الأسرة، فيسمع الطفل الجديد ألفاظ السب والشتم التي لم يكن سمعها في بيته ومحيطه الأسري، وتجر الكلمة كلمةً أخرى حتى لا يبقى في قاموس الألفاظ النابية مفردة إلا وسمعها من محيطه في المدرسة، ثم ينقل تلك الألفاظ إلى بيته هو.

فالأب الذي لديه حرص وإحساس ورغبة وجدية في الحفاظ على هذه البذرة، إما أن يتصل بالمدرسة أو يذهب إليها بنفسه، فإن لم يخطُ واحدة من هاتين الخطوتين فهو شريك في هدم كيان الأسرة، وانحراف البوصلة، وضياع الطفل.

والأمر الآخر المهم هنا هو الإدارة والأساتذة، فمما لا شك فيه أن الأولاد أمانة في أيدي هؤلاء، ولا إشكال أن المعادلة والموازنة تختلف من مدير لآخر، بحسب ما تلقاه وما هو عليه من ممارسة وخبرة. وكذلك الأساتذة الأفاضل، الذين بذل الأساتذة السابقون معهم جهوداً مضنية حتى أوصلوهم لهذا الموقع.

نلتمس من هؤلاء جميعاً الحرص والشعور بالمسؤولية، ونقول: هؤلاء أمانة في أيديكم، وأنتم تُشكَرون على ما تقدمون، وهذا ضرب من ضروب الجهاد في سبيل الله، وليس هنالك مهنة أشرف من مهنة تعليم الأجيال، فمسؤولية الأستاذ هي التربية والتعليم، ونحن نناشدكم أيها الأساتذة الأفاضل، يا من في أيديكم الأمانة، ويا من ثقتنا بكم كالجبال الرواسي، لا يزلزلها شيء، أبناؤنا أمانة في أيديكم، وأنتم أهل لها، ونسأل الله تعالى أن يأخذ بأيديكم لما فيه الصلاح.

والأساتذة أيضاً يختلفون فيما بينهم في ثقافاتهم ووعيهم وتربيتهم وسلوكهم ورغباتهم وميولهم، ولنكن صريحين في ذلك، فنحن حتى في الحوزة العلمية في أعلى سقف، وهو البحث الخارج، يختلف الأساتذة عندنا من أستاذ لآخر، فهنالك بعض الأساتذة ليس لديه أكثر من المعلومة، وهنالك من يغرس فيك الكثير من عناصر التكامل، لأنه يمزج بين التعليم والتربية، فرغم أنك في أعلى سلّم من الدراسة إلا أنه لا يزال يتعامل معك على أنك المستفيد منه وهو أستاذك، وأنت التلميذ، وعليه أن يؤدي الأمانة كما أنيطت به. من هنا تجدنا نتعلق ببعض الأسماء أكثر من تعلقنا ببعضها الآخر.

أما عن العلوم والثقافة الجديدة فهنالك مساحة من المساحات المهمة في المدارس هي المكتبات، وقد كانت في زماننا عامرة بالكتب والقصص، وهنالك إشراف وتوجيه وإرشاد. والعلوم والثقافة من خلال الأدب والقصص والشعر والعلوم وغيرها تعتبر مفاتيح الانطلاق لآفاق أرحب، ولكن علينا أيضاً أن لا نخبط خبط عشواء، وأن نقرأ هذه الأمور بشكلها السليم، فنطرق باب المؤلفات والعناوين وأسماء المؤلفين، ونعرف لمن نقرأ؟ وماذا نقرأ؟ واليوم ليس لدينا ما نعجز عنه، فيمكنك اليوم من خلال الانترنت أن تبحث عن اسم الكتاب وخلفيات المؤلف، وجميع الحيثيات بشكل سريع، فهل أن الكتب مفيد أو غير مفيد؟ وهل أن المؤلف مستقيم أو منحرف؟ فأنت منذ البدء توفر الجهد على الولد وتوصل المعلومة إليه وتصل إلى النتيجة.

إننا ندعو إلى تشديد العلاقة وتوطيدها مع المدرسة، فهي الفاصلة والقوة الدافعة نحو الأمام، وأهميتها إن لم تكن أكبر من الأسرة اليوم فهي لا تقل عنها شأناً وأهميةً، فلا بد من تأكيد العلاقة مع المدرسة، وزيادة التعاون معها في شأن الأبناء وما لهم وما عليهم.

إنك ترى الأولاد في مدرسة واحدة، ومحيط واحدة وظروف واحدة من حيث الأساتذة والدروس، ولكن تجد من هو متقدم ومن هو متأخر، فأين الخلل؟

إن الخلل فينا نحن أولياء الأمور، فنحن لا نقوم بالمسؤولية كما ينبغي، ولا نكلف أنفسنا المتابعة بالذهاب إلى المدرسة ولو لمرة واحدة في السنة، ولا أن نتصل بالهاتف مباشرة بالأستاذ أو مدير المدرسة، فالعناصر جميعها مكتملة إلا نحن أولياء الأمور، فلا بد أن نلتفت لأنفسنا، فالمستقبل يختلف عما هو عليه اليوم.

شهادة الإمام السجاد :

ليلة الاثنين القادم ذكرى شهادة الإمام السجاد واضع أسس مدرسة الدعاء، ومدرسة علم الاجتماع في جانب الحقوق، وواضع حجر الأساس لأول مَبرّة خيرية عرفها العالم الإسلامي، وأول من فتح داراً لرعاية الأيتام بعد واقعة الحرة. وعلى الأمة أن تفقه وتفهم من هو الإمام زين العابدين ، فهذا الإمام العظيم لا يمكن تحجيمه في جانب العزاء والحزن ودخوله سوق القصابين وسؤاله عن سقي الكبش ماءً ثم البكاء، فهذا جانب واحد من حياته، وليس حياته كلها، ومن سوء حظ الأمة أن تتنكب طريقه وتتشبث بالطحالب.

فلو لم يكن في منظومة العلوم والمعارف إلا الإمام زين العابدين لكفى، ولو لم يكن إلا سفره بنهضة الطف مع ما به من المرض لكفى. فقد وقف في وجه عبيد الله بن زياد، ووقف في وجه يزيد بن معاوية خليفة الشام، أمام الملأ العام في المسجد الأموي، وكشف عن مواطن العزة والكرامة والقوة والإباء. هذا هو زين العابدين الذي نعشقه ونحبه ونقرّ له بالإمامة.

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.

[1]  طه: 25 28.

[2]  وسائل الشيعة، الحر العاملي7: 383.

[3]  بحار الأنوار، المجلسي 91: 58.

[4]  النحل: 125.