آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:34 ص

أما آن لهذا العبث أن ينتهي

مرة أخرى تتكرر المآسي والفواجع الإنسانية المؤلمة والمريرة. فقد أدى تفجير مسجد وأطلاق نار في قرية مصرية بشمال سيناء إلى سقوط أكثر من 350 إنسان بين شهيد وجريح، في أحد أكثر الاعتداءات الإجرامية دموية تشهدها مصر.

لقد كان مشهد الأبرياء وهم صرعى على الأرض مضجرين بدمائهم مريعاً. وهو مشهد تكرر مثله، ليس في مصر وحدها، بل في أماكن عديدة من أرجاء هذه المعمورة. فها هم الأبرياء يتساقطون صرعى مضرجين بدمائهم جراء عمليات القتل والتقتيل الوحشية والهمجية، بالسيارات المفخخة والاغتيالات والهجمات المسلحة، حيث يُستهدف الأبرياء أينما كانوا، وأينما وجدوا، في المدن والقرى والشوارع والساحات والأسواق والمقاهي والأحياء والمدارس والجامعات ودور العبادة ومجالس العزاء.

ها نحن نشاهد العشرات، بل المئات من الناس يسقطون قتلى بشكل عبثي، في مذابح يومية وإبادات جماعية، حيث لا يلبث مشهد اللامعقول والعدمية أن يتكرر بكل قساوته وآلامه ومرارته في اليوم الذي يليه، ومن دون أن تترك هذه الفواجع والآلام أي إحساس بالذنب، أو أي شعور بتأنيب الضمير، ويكأن من يسقطون صرعى هم مجرد أرقام هامشية بلا معنى، وليسوا بشراً دوي قيمة يستحقون الحياة والعيش بكرامة.

ها هم الضحايا يتساقطون يومياً بمختلف وسائل القتل وأشكاله، وبشكل يفوق القدرة على الاستيعاب والتحمل. ولا فرق من الناحية الإنسانية والأخلاقية في دناءة وخساسة عمليات القتل، مهما اختلفت الوسيلة التي ترتكب بها الجرمة، فالضحايا هم بشر مهما كانت هويتهم الدينية والمذهبية والقومية.

إننا في الوقت الذي نعزي فيه مصر وأهلها بهذا المصاب الجلل، نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يحل الأمن والسلام والاستقرار والازدهار في ربوع بلداننا، وفي ربوع العالم أجمع، ويجنبنا فتن الأشرار، الذين يعيثون فساداً في الأرض، قتلاً وترهيباً وتنكيلاً، مستهدفين كل بني الإنسان في جميع أرجاء المعمورة، من دون رادع، أو وازع من ضمير، ومن دون أدنى قدر من الرحمة والإنسانية.

كم نحن اليوم بحاجة إلى استنهاض عزائم وهمم كل أبناء الأمة، للوقوف بوجه هؤلاء الأشرار، العابثين في الأرض، والمفرقين لشمل الأمة. فهؤلاء الأشرار يفعلون ما يفعلون باسم الدين، زوراً وبهتاناً، والدين منهم براء. فقد بات لزاماً استعادة زمام المبادرة، والمساهمة بجد في عمليه البناء والتغيير، من خلال خلق منظومة فكريه وأخلاقية جديدة، تهذب النفس، وتضبط نزعاتها الشريرة، وترفع من قيمه الوعي والثقافة الخلاقة، وتُعلي من قيمة الإنسان كإنسان مهما كان انتمائه.

إننا نرفع أكفنا داعين الله سبحانه وتعالى أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، ونرجوه عز وجل أن يحفظها من كل سوء، ويخلصها من البلايا التي تمر بها، والمِحن التي تتعرض لها، وأن يغير سوء حالها إلى أحسن حال، ويصلح كل فاسد من أمور أبنائها، ويرشدهم إلى الطريق القويم. ونسأله جل وعلا أن تتوقف كل أشكال الحروب والفتن، ويحل الأمن والسلام في كل أرجاء المعمورة.

ولا حول ولا قوة إلا بالله