آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

وانتظرت باستقامتي‎

هل يتعلق انتظار المخلص من صور الظلم والعدوان ودحر كافة أشكال الطغيان والجور، بآمال تداعب مشاعر المرء برؤية مستقبل خال من شوائب الفساد والانحراف، أم أن الأمر يمتد في بعده الزمني بعصر الغيبة، فيتوافق المظهر الفكري والسلوكي للمنتظر مع من يتأسى بسيرته ويترقف خروجه الإصلاحي؟

الانتظار الحقيقي يعني توافقا ما بين سلوك الفرد وتصرفاته في الوقت الحالي مع عصر الظهور ورؤية بواكير دولة الإصلاح المهدوي، أي أن المرء ينتظر الفرج المرتقب بما ينسجم ومفردات الحياة الإيمانية السعيدة لمن يستظلون بفيء دولته المباركة.

فالانتظار ليس هو بأمل معقود في النفس بتغير الأحوال السيئة إلى إشراقة دولة الحق والفضيلة، فيقع التبدل الفجائي للنفوس فيستبدل ما فيها من تلبس بالرذائل والمعاصي، إلى طهارة معنوية ينقلب معها المشهد إلى صفاء وورع يتناسب مع دولة الظهور، فمن غير المعقول ولا هو بمتصور أن يقع التمهيد والحراك الإصلاحي من خارج منظومة البشر التواقين للظهور، بل هو تحمل للمسئولية الملقاة على عاتقهم بملأ الأرض قسطا وعدلا، فيا ترى ما هو حال أولئك الممهدين لدولة الفضيلة والاستقامة؟

بالطبع لابد أن يتصف هولاء بقدر كبير من الحكمة والوعي في فهم الأحداث والوقائع، فيقدرون على رسم خرائط طريق للحل فيما يواجهونه من أزمات وظواهر سلبية تظهر في محيطهم ومجتمعهم، متخلين عن كل سلبية أمام واقعهم فلا يعتزلون الساحة مهما علت موجة الفساد، كما يتحلون بمناعة وحصانة روحية تتغلب على عوامل الاستثارة نحو المغريات والنزوات، وإلا فلا معنى لشغف قلبي بدولة الظهور المبارك ونحن على واقع مخالف لمبتنيات الشخصية الإيمانية الممهدة، فلا بد أن ينسجم مع دولة الإصلاح المهدوي طريقة تفكيرنا المتسمة بالرشد، وحديثنا في ألفاظه المنتقاة يخلو من قول السوء وقلوبنا يختفي منها إوار الأحقاد، وعلى ذلك فالنسبية في التمهيد تعني أننا بقدر ما ننسجم مع صفات المهدي القائد نكون ممهدين بذلك المستوى، وكلما شططنا نحو الأهواء ومخادع الشيطان نكون ابتعدنا كثيرا عن البنية الإيمانية لأنصار دولة الإصلاح، فالتأسي الفعلي بسيرة الطهارة والخشية من الله التي جسدها الإمام هو المفهوم الحقيقي للانتظار، فإذا كان من أهم صفات الدولة المهدوية المرتقبة هو العدل بمفهومه الشامل لكل أبعاد حياة الإنسان وعلاقاته، فإننا نقطع بأن الفرد الممهد يتحلى بمستوى عال من ثقافة الحقوق ووأد ممارسات التطاول والاستبداد والظلم، وهذا ما يعني أن جذور تلك الحركة الإصلاحية متجذرة في نفوس تؤمن بالقيم والفضيلة، وتمهد للإمام المهدي بصلاح النفس ومراقبة الأفعال والأقوال ومحاسبتها.