آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:30 ص

”ما في ميزانية“

أمين محمد الصفار *

ونحن في نهاية عام وبداية عام جديد قد يسمع أفراد بعض الأُسر هذه العبارة من رب الأسرة لأسباب عدة، لكني اقصد بهذه العبارة أو المصطلح الاستخدام الأخر وهو المستخدم في بيئة العمل الإداري، حيث يسمع الناس هذه العبارة كسبب يتذرع به أحيانًا بعض مسؤولي الاجهزة الحكومية.

هذه العبارة لدى بعض المسؤولين نمط حياة يعيش به، وهي بالنسبة له عبارة صالحة لكل الأوقات سواء في أوقات الرخاء أو في أوقات التحوط والحذر، لكن وكما يقال: ”وبالاضداد تعرف الأشياء“، هناك نماذج أخرى مشرفة لبعض المسؤولين، فبعض الأجهزة الحكومية التي حتى في أوقات الرخاء تقوم بمبادرات إبداعية في التعامل مع مقاولي مشاريعها وذلك بحثهم على القيام بأعمال إضافية محددة تبرعًا من المقاول لصالح الجهاز، ويكون هذا التبرع ملحقًا بالعقد أو معلومًا وموثقًا خارج العقد، حتى سرى هذا النمط كعرف يعرف به الجهاز من الخارج والداخل.

لقد سمعت عن هذه التجربة مباشرة من أحد كبار المسؤولين في احد الأجهزة الحكومية، وكان يتحدث علي مستوي نطاق عمله فقط، أن من أهم مكاسب هذه الطريقة هي أن المقاول يضمن - وكل المتنافسين - أن هناك مستوى عال من الشفافية في هذا الجهاز، كما يضمن ان لن يكون هناك محاولات غير مهنية تؤثر سلباً عليه، وكذلك هي مكسبًا للجهاز نفسه بأن يكسب سمعة حسنة بين المقاولين تزيد من مستوى المنافسة بينهم، وتنتهي أيضا عبارة ”لم يتقدم احد إلى المناقصة او المنافسة“، وفي نفس الوقت يحقق الجهاز بعضًا من مشاريعه بدون ميزانية أو تكاليف، وفي النهاية لا يوجد شيء في هذا الجهاز أسمه ”ما في ميزانية“.

بعض أصحاب مقولة ”ما في ميزانية“ قد ينطبق عليهم المصطلح الإداري المعروف ب ”تقادم المهارات“، وهو مصطلح كان في البداية يصف حال بعض الفنيين المهرة الذين وبسبب التطور والتقدم التقني، استقر حالهم أصبحت مهارتهم الفنية متقادمة مقارنة بمرحلة سابقة كانت فيه مهمة ومهمة جدًا، غير أن حتى هذا المصطلح امتد واصبح يشمل حتى أصحاب الخبرات الإدارية التي لم تواكب التطور الإداري المعاصر بكل تقنياته وتعديلاته.

في عالم المصارف المحلية، كانت كل أبواب فروع البنوك من الحديد الصلب المطلي باللون الأسود تحديدا، وكان من الصعب - لأسباب وهمية - تغيير هذا التقليد، لكنه تغير ولم يعد صعبًا كما كان يتوقع، بل أن استبدال هذا الباب الأسود بما نراه الآن من أبواب زجاجية جميلة لفروع البنوك، لقد كانت هذه الخطوة علامة وإعلان مهم حينها ورمزية إلى أن البنك بدأ مرحلة وعصر جديد بالكامل بدون ذلك الباب.

قد لا يذكر البعض أخر بنك اقتلع بابه الحديدي الأسود، وقالت البنوك كلمتها معلنة بداية عصر جديد كليًا، لكن هل بقى أبواب حديدية سوداء تحتاج إلى اقتلاع لبدء مرحلة وعصر جديد يتوائم مع المرحلة الحالية وخطة التحول 2020 ورؤية 2030؟