آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

أعياد مرَّن وانتَ ما مريت

منذ أن خُلق الإنسانُ وحب الحياةِ والفرح لا ينفك عن ملازمته. يبتدعُ لحظاتٍ وأياماً يسرقها من فمِ الأحزانِ لينفسَ ما به من داءِ الشكوى والألم. لم يجهل الدينُ هذا العشق للحياةِ بل كرسهُ في حياة البشر وحثهم على هجرِ الحزنِ في أيام الأسبوعِ وعلى مدار الأشهر.

يصادف اليوم الرابع عشر من فبراير عيد الحب أو عيد العشاق الذي ابتدعه الأغريق والرومان، وهو يومٌ يتبادل فيه المحبون عباراتِ الحب والهدايا الرمزية كدليل حبهم لمن يحبون. يفرحُ العاشق القريب بعشيقه ولا بأس أن آ يذكرهُ هذا اليوم بجمرةِ الهوى. لكن من للعاشق الذي ليس له من اللقاء إلا تذكرَ الملامح وشمَّ ما علق في جو الذكرى من رائحة حبيبه ومعشوقه. يقلب كفيه ويسأل متى يعود؟

يا من محبوبه بالقرب منه، غنتك السماءُ أغاني السعادة وأفاضتْ عليك من خمرِ العشقِ ما يملأ كأسَ اللقاء ولمن يبحث عن معشوقه ولا يراه لا تنقلْ عينيكَ عن الطريق لعله هو القادم، قف على شاطئ البحر واسأل الأمواجَ والصيادين هل رأوه، لا تجعل شفتيكَ تذبل فلا بد أن يبلها اللقاء متى عاد. سر في المدينة وتصفح الوجوه ربما هو فيهم.

لا يسعنا في هذه الأيام التي تحملُ كثيراً من الكآبة، فكم من أمٍ تنتظر ابنها الذي لن يعودَ ولن تراه يشتد عوده ويكبر وتعتني بأبنائه كما اعتنت به وكم من زوجةٍ تنتظر زوجها ليعود ولا يعود، سوى رفع الأكف نحو السماء في الليالي والرجاء بأن يعود. كم من طفلٍ ينتظرُ على ضفاف الشاطئ ليرسو المركبُ الذي يحمل رائحةَ القميصِ فلا يرسو ذلك المركب. فيض المآسي في عالمنا يغرق الكثير من وردِ العشق في كل ساعة، لكننا لا بد أن نتشبثَ ببصيصِ الأمل ونقول ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ونتذكر أن يوسفَ عاد أخيراً لحضنِ والده وأصبح وزيراً ولم يذكر القرآنُ أن من رمى يوسفَ في البئر لينهيَ حياتهُ وأحلامَهُ كانت نهايتهُ أسعدَ أومرتبتهُ أرفعَ من يوسف…

نحن البشر نخلقُ كثيراً من مآسينا. لم تكتب علينا التعاسةُ والحزنُ والألم لكننا نكتبها على جبين الانسانية كل يوم. تظهر الشمس ويأتي معها الضياء ويظهر القمر ويأتي مع الأمل بأن يكف الإنسانُ عن خلق الحزن والعراك مع الفرح وتدمير كل أعياد غيره، لكنه الإنسان لن يغير من طبعه فإن كان عندك معشوقٌ افرح به وإن كنت تنظر محبوباً لا تتعب، يأتي بعد الظلام الأسود شفقٌ أبيض... آ 

طال انتظاري بربكِ فارجعي
فقد صار كرميَ خمراً وانسكب
سأكونُ بناصيةِ الدربِ منتظراً
مروركِ حتى الممات فلا تزعجي
رفاتي بمشيكِ إن كنتُ تحت الثرى
وحيي ترابي فقد ضمني وقلبي
الذي يهواكِ وتذكري فهذا الفتى
الذي نفته صروف الليالي فماتْ
وراحت ترفرف الروحُ بين القبور
مستقطرةً دموعَ أسى من يزورْ
أستحلفكم يا رفاق الصبا إن
مررتم بقبر المرأةِ التي أحببتها
ضعوا على قبرها أكليلَ زهرٍ
لعل ندى الصباح يحيي الرميمْ
وأعود كالفينيقِ أحيا وتحيى
من أماتتني كلانا من جديد

مستشار أعلى هندسة بترول