آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

كيف يصبح الهيكل التنظيمي معيقًا للأداء؟

أمين محمد الصفار *

الهيكل التنظيمي لأي منشأة هو الإطار الإداري الذي يبين خريطة التوزيع للوحدات وعلاقتها ببعضها البعض داخل المنشأة كما يبين العلاقات والمسؤوليات بين الافراد. هذا تعريف مبسط للهيكل التنظيمي، وهناك أنواع وصفات عدة للهياكل التنظيمية.

تعاني بعض الأجهزة الحكومية وحتى المنشآت الخاصة من بعض العيوب الجوهرية الشائعة في هيكلها التنظيمي مما ينعكس سلبًا على أداءها وعلاقاتها بعملائها والمستفيدين من خدماتها، وقد اخترت أن استعرض هنا الهيكل التنظيمي لبلدية القطيف كمثال على وجود هذه العيوب الشائعة التي اتحدث عنها، علما بأن البلدية والمجلس البلدي قاما بخطوة رائعة عندنا أوصى المجلس قبل أكثر من سنتين - ولا اعرف لماذا لم يقر - باعتماد الدراسة التي قام بها وقدمها معهد الإدارة العامة الخاصة بطرح هيكل تنظيمي جديد لبلدية القطيف ودليل المهام للبلدية، ولا يبدو إلى الآن أن تلك الدراسة والتوصيات وجدت طريقها للتطبيق. وأهم تلك العيوب الشائعة التي رصدتها في الهيكل التنظيمي للبلدية هي كالتالي: -

أولاً: أن عدد المرؤوسين المباشرين لمنصب رئيس البلدية عدد أكبر من اللازم ويعطي مؤشرات سلبية عدة، منها: 1. المركزية الزائدة في القرار الإداري. 2. صعوبة التوفيق بين الإدارة المباشرة لهذا العدد الكبير وبين التفرغ لمهام التخطيط المبنى على تحليل ومتابعة لمؤشرات الأداء والاطلاع على أفضل الممارسات والتطوير الذاتي. حيث سوف يكون الجهد منصب على متابعة الأداء اليومي لهذا العدد الكبير من المرؤوسين المباشرين «مدراء الإدارات».

ثانياً: أن هناك عدة إدارات وأقسام ذات مسميات قديمة ولا تدل على المهام الموكلة لها، بل تعطي انطباع أن مهام هذه الإدارات والأقسام لم ترُاجع منذ أمد بعيد، بالرغم من التغيرات التي حدثت للعمل الإداري في البلدية والأداء الحكومي بشكل عام، وهذه الملاحظة مرتبطة بالنقطة الأولى التي ذكرتها آنفا.

منها على سبيل المثال: إدارة الحاسب الآلي، هو مسمى أصبح قديم جدا، ولا يعبر عن مهام الإدارة نفسها، الحاسب الآلي هو اسم جهاز وليس أسم وحدة إدارية، قد يكون هذا الجهاز موجودًا في بعض الإدارات بكميات أكبر مما هو موجود في إدارة الحاسب نفسها، في النهاية هذا المسمى لا يعبر عن مهام الإدارة ولا يعطي أي مدلول واقعي، بل يجب استبداله كما هو موجود لدى العديد من المنشآت مثلا: إدارة التقنية أو إدارة الحلول التقنية. كذلك الأمر مع مسميات الإدارات والأقسام الأخرى مثل المتابعة والأراضي وضبط التنمية وغيرها، كلها تحتاج إلى مراجعة للتأكد من مدى انطباق المسمى على المدلول وعلى المهام التي عادة ما تتغير كلياً مع مضى الوقت.

تغيير أو اختيار أسماء الإدارات ليس هو الذي يخلق التغيير والتطوير، وإنما هو البداية الصحيحة لإظهار الجدية وانعكاس للتطور الخارجي على البيئة الداخلية للمنشأة، ويمكننا تشبيه ذلك بأسماء الأبناء التي يحرص الأباء على اختيارها لأبناءهم، فاختيار الاسم المناسب والجميل والذي يعكس آمال الوالدين هو ليس بديلاً عن التربية الحسنة بقدر ما هو محاولة انطباق وجمع الحسنيين.

ثالثًا: أن الهيكل التنظيمي الحالي المنشور على موقع البلدية «بالمناسبة الموقع به كم كبير من المعلومات القديمة التي أصبحت لا تستحق أن تنشر» لم يُشّيد أو يُبنى على أساس الخدمات الرئيسة للبلدية، وهي الخدمات التي تقدمها البلدية للمستفيدين، التي يجب أن تكون لها الأولية لدى البلدية والتي عليها يتم تقييم مستوى أداء البلدية ككل، فقد أهمل الهيكل التنظيمي للبلدية على سبيل المثال إنشاء إدارة مستقلة للطرق نظرا لما للطرق من أهمية في للمستفيدين والتنمية بشكل عام وهي من صلب مهام البلدية والتي تتفرع منها مهام أخرى عديدة، في حين أظهر الهيكل التنظيمي إدارات وأقسام أقل أهمية بكثير من إدارة الطرق.

أود أن أؤكد على أهمية الهيكل التنظيمي للبلدية ولكل منشأة حكومية أو خاصة، وأن الهيكل التنظيمي الجيد هو الطريق السالك المستقيم الذي يقود ويقوي بشكل فاعل جهود كل أفراد المنظمة لتحقيق الأهداف، على عكس الهيكل التنظيمي المتخلف الذي لا يعكس فلسفة إدارية متطورة، وتنخره العيوب التي تعيق الإنجاز ولا ينتج سوى مشكلات إدارية متخلفة ويذهب بمعظم الجهود سُودً.