آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

المنشآت الصغيرة محشورة في زاوية!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

تستحوذ على القطاع الخاص بالإجمال شركات عائلية عملاقة، بما يجعل قضية ضعف المنافسة متربصة بالمنشآت حيثما عملت؛ إذ تجد بعض الشركات العائلية متعمقة ومنتشرة في قطاعات عدة. وهذا التمركز يحد من دخول المنافسين المبتدئين، ومن ناحية أخرى فإن وفرة رأس المال، و”تضبعه“ فضلاً عن الخبرة والدراية المتجذرة بالسوق إضافة إلى العلاقات المتشعبة يجعل الشركات العملاقة تطبق على الأسواق وبالتالي الفرص القائمة والمستجدة، بما يحشر المنشآت الصغيرة - عملياً - في زاوية خانقة.

عند التمعن في المشهد، نجد ان الطريق السالكة هي دعم المنشآت الصغيرة وحمايتها من استئثار المنشآت العملاقة وسيطرتها على أنشطة القطاع الخاص، وربط المنشآت الصغيرة بالنسق الاقتصادي العام بما يمكنها من زيادة حصتها من السوق، إذ أن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي 21 %، والتي من المؤمل أن تصل - وفق رؤية 2030 - إلى 35 %، وهذا الطموح يتطلب برنامجًا تنفيذيًا محكماً، لذلك لابد من دفع المنشآت العملاقة دفعاً للتكامل والترابط مع المنشآت الصغيرة، والاهتمام باحتساب المحتوى المحلي والقيمة المضافة للمنشآت صغيرها وكبيرها، وتعديل نظام المنافسات الحكومية وربطه بالمحتوى المحلي للمنشأة، وإعطاء حوافز نقدية للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة مقابل نجاحها في التصدير لبضائعها.

ولا تختلف التحديات القابعة أمام المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة عما هو سائد في النسق العربي، حيث تكمن التحديات في ضعف الأطر التشريعية والتنظيمية؛ مما يؤدي إلى ارتفاع كلفة المشروعات؛ وصعوبات التمويل وعدم توفر أدوات تلائم المشروعات الصغيرة، وصعوبة دخول الأسواق وتكاليف التراخيص تزيد من توسع القطاع بشكل غير رسمي؛ وضعف القدرات الداخلية للمنشآت الصغيرة في التعامل مع المحيط الخارجي. فقد يكفي القول إن وضع المنشآت الصغيرة في عالمنا العربي غير مرضٍ، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، ونحن في المملكة العربية السعودية لسنا استثناءً عن هذا السياق، لكننا أمام فرصة أن نصنع نجاحاً قد يحتذى في المنطقة برمتها بما يساهم في حلحلة تحدي البطالة العنيد، الملحوظ هنا وفي المنطقة العربية كافة.

وفي سياقٍ آخر، فإن إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية منخفض، ولا غنى عن اجتراح حلول تمويلية جوهرية ومؤثرة للمنشآت الناشئة والريادية والصغيرة، للتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المبتدئون في هذا القطاع. وعلى الرغم من أن التمويل في الدول العربية من بين الأدنى في العالم وفقًا لدراسة أجراها صندوق النقد العربي خلال العام 2017، وهو في السعودية منخفضاً مقارنة بالعديد من الدول العربية كالمغرب على سبيل المثال لا الحصر. وليس خافياً أن البنوك تتهيب من دعم المنشآت الصغيرة خوفًا من المجازفة وغياب الثقة بنجاح تلك المشروعات، فضلاً عن أن البنوك التجارية غير مؤهلة للقيام بهذه المهمة لأسباب موضوعية، فهي بنوك تجارية وليست تنموية أو صناديق دعم أو صناديق رأس مال جريء.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى