آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

قدرات نائمة

ليلى الزاهر *

في عالم الفضاء الإلكتروني والعالم المفتوح بين يديّ يصعب عليّ فك رموز بعض المعادلات المعقدة والتي باتت وكأنها محض دعابة عند تداولها بين الناس.

إن تفسير بعض الظواهر البشرية يبدو صعب التصديق. فعندما تتحول علاقة الحب الفطري الرابطة بين أم وابنتها إلى سلوك يرفضه العقل والوجدان فهذه كارثة أسرية.

ستروي لنا هذه الأحداث ابنة الصف السادس الابتدائي قائلة:

عندما جاء موعد ميلادي أحببت تذكير أمي بهذا اليوم فما كان منها إلا أن سكبت الشاي المغلي الذي تشربه فوق كتفي قائلة: هذا هو الثمن، ثمن حروق قلبي بنتائجك المخزية في مدرستك!!

وهذه الهدية التي تستحقين.

تلك الكلمات ماتبرح هاربة من أفواه أصحابها يصعب تصديقها. تجارب قاسية تمهّد لجيل سيمتلئ بمشكلات نفسية تضاهي الجبال.

وعوضا عن تلك الرسائل الدافئة التي تبثّ الأمان الاجتماعي يحاول طواغيت عصرنا العبث بمكنونات الحياة الجميلة وتشويه الجمال يحاولون رمي الأزهار في الوحل، ويجعلون للجمال عمرا أقصر بكثير من عمره.

عجبا كيف لمشاعر المحب أن تمتلئ زيفا؟ وكيف لمن يكون المُصدّر للحب والأمان أن تجف ينابيعه؟

إن الكلمات المتصارعة هي حروب طاحنة في الأسرة تلتهم كل الأمان النفسي وتجلب الدمار للأبناء، وتحط من شأنهم وتبعدهم كل البعد عن التقدم الدراسي لذلك يجب أن تكون الأسرة عش أمان تبعد كل البُعد عن الصراعات النفسية، تخرج الكلمة من خلالها كنسيم عليل يلطّف الأجواء ويزيل المشاحنات.

حب الأسرة المتبادل بين أفرادها لايقوم على أنك إذا كنت فردا منجزا ومبدعا فأنت تستحق كل الحب. أما إذا كانت نتائجك المدرسية غير مرضية فسوف تسقط في هاوية البغض الأُسَري.

الجميع لديه قدرات وربما كانت هناك قدرات نائمة واجبنا في الأسرةإيقاظها بهدوء وإشعال جذوتها كي تظهر للنور وتصارع لتزهر وتطرح ثمارا يانعة.

إن أبناؤنا ثروة نابضة بالحياة والقرار بأيدينا أما نترك لهم صورا جميلة في ذاكرتهم أو نجانب الصواب في تعليمهم وتربيتهم ونجعلهم صورا مكررة عنا تجلب لهم البؤس والشقاء، فينفرون منا صغارا وكبارا ولا نستيقظ إلا على طيف من ذكرياتهم. فإن عادت لك الذكريات القديمة فمن يعيد لك أصحابها؟

أبناؤنا ضيوف لدينا لسنوات معدودة من الزمان، بعدها سوف يشقّون طرقهم كل بطريقته الخاصة فلنبارك لهم خطواتهم ونلهج بالدعاء لهم.