آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

لا للمناكفات

أمين محمد الصفار *

تورد القنوات الإخبارية أحيانًا اخبارًا من قبيل خبر وفاة لاعب كرة قدم «مثلًا» باعتباره خبرا رياضيا، فيما هو خبر كارثي أو اجتماعي، قد نختلف في تحديد نوع مثل هكذا خبر لكنه حتمًا ليس رياضياً، كذلك الحال مع الفن، خبر عن الاكلة المفضلة لفنان معين يرد باعتباره خبرا فنياً!!

هذا النوع من الخلط بالرغم من بساطته شكلاً الا انه يكشف أيضا عن مستوى معين من التعاطي إذا لم نقل أكثر. عندما نشاهد هكذا تصنيف للأخبار يتساءل المرء: لماذا لا تسمي هذه القنوات الأشياء بمسمياتها بدلًا من هذا الخلط الواضح؟

جال بخاطري نفس هذا السؤال وسلسلة أخرى من التساؤلات عندما سمعت أسباب وأهداف فعالية ماراثون ”الأحساء تركض“ النسائية قبل الفعالية نفسها. فماذا بعد هذه الفعالية؟ وهل حققت أهدافها الرياضية؟

في المملكة نعاني من معدلات سمنة - في الجنسين - عالية حسب المعدل العالمي، ونحتاج لجهود جبارة واستثنائية واستباقية، وهناك توجهات رسمية ومن وزارة الصحة على وجه الخصوص لتنشيط ممارسة الرياضة ورياضة المشي خصوصًا ولجميع أفراد المجتمع، لكن في الجانب الآخر، في مدينة مثل القطيف نشاهد بألم هذه الأيام قيام البلدية بإزالة أرصفة المشاة والأشجار - التي تظلل على المشاة - من بعض الشوارع واستبدالها بمواقف للسيارات، في تناقض غريب وغير مفهوم وغير مبرر. في حين أن الناس هنا مازالوا رجال ونساء وأطفال وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة - لمختلف الأسباب والدوافع - يتنقلون بتلقائية مشيًا وبدراجاتهم ليلاً ونهارا.

عادة مثل هذه الممارسات الصادمة للمجتمع وغير الواضحة الأسباب هي لا تعبر إلا عن الدعوة لإرهاق المجتمع بادخاله في دوامة من الجدل العقيم والمناكفات بين التيارات والتوجهات المختلفة التي تستهوي الجدل وتستنكف العمل، ولا تنته إلا لخوض مناكفات أخرى أكثر تعقيدا داخل المجتمع وعلى حسابه.

نحن لا نريد أن نقع بين نظرتين متطرفتين، نظرة من اكتشف حديثًا أن الرياضة هي مفيدة لصحة النساء فقط، ووفق معاييره ونظرته، وبين تلك النظرة التي لا تتصور أن المرآة إنسان طبيعي ويمكنه أن يصل إلى سن الرشد. بل نؤمن بأن هناك الحلول الأخرى الواسعة العملية المجربة والبعيدة عن لغة وروح الانتصارات والهزائم الوهمية.

في مثل واقعنا في المملكة، عندما نريد للنساء ممارسة الرياضة ونحن نعاني من مشكلة في الشوارع أصلًا - ليس للنساء علاقة بها - لعلنا نحتاج أولاً لبناء المنشآت الرياضية المناسبة والمشجعة لهن ولهم أيضا، أو على الأقل الذهاب للحل العملي الأسهل وفي حده الأدنى وهو تجهيز ممشى مناسب وآمن لكل المجتمع بكل فئاته كما في كل أنحاء العالم الذي نشاهده ونقتبس منه، ويكون هذا الممشى عنوان لكل مدينة والبلد ككل.