آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

كلماتٌ على الحاشية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

غدا واضحاً أن ”السعودية الجديدة“ تعمل وفق منهج بعيدٍ عن الغموض انطلاقاً من أنها تعرف ما تريد، وتريده بما لا يتجاوز سقفاً زمنياً محدداً، فأقصر طريق للوصول هو الطريق المباشر، ما دام ذلك ممكناً.

وإن كان الداخل السعودي قد لمس ذلك من خلال مقابلات سمو ولي العهد، وإجاباته المسهبة على أسئلة صحفيين مخضرمين هما تركي الدخيل وداوود الشريان، فإن المقابلات التي أجراها ولي العهد من الصحافة العالمية ألقت مزيداً من الضوء، ومع كل مقابلة تتضح إجاباتٍ صريحة لأسئلةٍ صعبة، وبعيدة كل البعد عن النمطية وأسلوب تدوير الزوايا، خذ مثلاً، عندما سألته نورا أودونيل: هل النساء يساوون الرجال؟ فجاءت الإجابة: بالتأكيد، كلنا بشر دونما فروق. تبع ذلك الحديث عن ”المساواة في الأجر“، وهي المبادرة التي تحدث عنها الأمير محمد بن سلمان بإسهاب في مقابلته لبرنامج ”ستون دقيقة“، والرسالة واضحة: السماح للمرأة بالقيادة ليس نهاية المطاف بل بدايته، كما أن الإجابة لا تخلو - في ظني - من رغبة لاستنفاذ أوراق المزايدين حول دور وحقوق المرأة السعودية، بالقول أن ثمة سلسلة من المبادرات لتمكين المرأة السعودية من القيام بدورها المحوري أسرياً واجتماعياً واقتصادياً والمشاركة في المواقع القيادية في الحكومة والقطاع الخاص والقطاع الثالث.

والحديث عن مقابلة واحدة ليس انصافاً، فلعل المقابلة الأعقد - كذلك في ظني - التي كانت مع مجلة الاتلانتيك مع الصحفي المخضرم جيفري جولدبرج، فقد ارتكزت أسئلتها على الشأن الجيوسياسي المتداخل ما بين إيران و”إسرائيل“ بل والذهاب بعيداً في مرتكزات قيام الدولة السعودية في الدرعية. تابع الأسئلة المحبوكة بخبرة ودهاء ولتنطلق كالصواريخ المتوالية، وكيف تصدت لها إجابات واضحة ومسهبة، وقد أشار السيد جولدبرج لذلك صراحة.

أما في باريس، فكان المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس ماكرون، لتلقي الأسئلة مباشرة من صحفيين باهتمامات متنوعة، وهنا وتقفز الصراحة ثانيةً، عندما بين الأمير بكل ود واحترام وحزم اختلافه مع الرئيس ماكرون حول الاتفاق النووي مع إيران مبيناً أنه شبيه باتفاقية ميونخ في العام 1932.

والآن، وجولة الأمير في خطوتها الأخيرة، يمكن القول إن فهم العالم للتحول الذي تعايشه المملكة، ولما تسعى لتحقيقه حتى العام 2030 أصبح أكثر وضوحاً، فالسعودية دولةٌ ليس بوسعها أن تنكفيء لتعيش لذاتها، فعلى الرغم من كل التحديات التي تحيق بها، إلا أنها فطنةٌ لحيوية اقليمها جيوسياسياً، ومدركة لأهمية عقد شراكات تحقق من خلالها التنوع الاقتصادي في الطاقة المتجددة والصناعة والترفيه والبحث والتطوير ضمن أمورٍ أخرى.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى