آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:07 م

مسيرة العودة.. والانقسام الفلسطيني

محمد أحمد التاروتي *

الحراك الشعبي الفلسطيني المستمرة، منذ اعلان ترامب نقل السفارة الامريكية للقدس، باعتبارها عاصمة اسرائيل، يعطي انطباعات بموقف ثابت، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، بالسير قدما باتجاه ممارسة الضغوط على المجتمع الدولي، لاتخاذ موقف مسؤول تجاه خطوات الادارة الامريكية، بفرض الامر الواقع، لاسيما وان الموقف الرسمي العربي المتمثل في قمة القدس، التي عقدت منتصف ابريل الجاري، ساهمت في إعطاء زخم، باتجاه دعم التحركات الشعبية، الرافضة لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل.

قافلة الشهداء المتزايدة، جراء استخدام الاحتلال الذخيرة الحية، في مواجهة المظاهرات السلمية، للشعب الفلسطيني، تشكل وقودا داعما لمواصلة مشوار النضال، والوقوف في وجه الاحتلال الاسرائيلي، المستمر منذ سبعة عقود، اذ لم تستطع الاجراءات التعسفية والمضايقات، في ادخال اليأيس في نفوس مختلف الأجيال الفلسطينية، على مدى العقود الماضية، مما يمثل ورقة رابحة لدى الشعب الفلسطيني، في الحصول على الحقوق المسلوبة، وانهاء الاحتلال الجاثم على صدر الفلسطينيين، منذ منتصف القرن الماضي.

مسيرة العودة التي أشعلها الشعب الفلسطيني، منذ عدة أسابيع تمثل ردا عمليا، على جميع محاولات الاحتلال الاسرائيلي، في فرض الامر الواقع، خصوصا وان المسيرة بمثابة رفضا لمحاولات الادارة الامريكية، باسقاط حق العودة للفلسطينيين، في عمليات السلام القادمة، فالدماء التي سالت برصاص الجيش الاسرائيلي، خلال الأسابيع الماضية، تكشف الاستعداد التام لدى الشعب الفلسطيني، في تقديم المزيد من الشهداء، في سبيل نيل الحقوق المسلوبة، التي تحاول ادارة البيت الابيض اسقاطها، في التسويات القادمة.

السلطة الفلسطينية التي اتخذت مواقف صلبة، منذ اعلان ترامب نقل السفارة الامريكية للقدس، باعتباره قرار يخالف القرارات الشرعية، ما تزال غير قادرة على احداث تغييرات جوهرية، في اتجاه الادارة الامريكية، بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، مما يدفعها للاستفادة من التحركات الجماهيرية المستمرة منذ عدة أسابيع، نظرا لما تمثله من ورقة سياسية، في الدفع بالقضية الفلسطينية مجددا، في المجتمع الدولي، خصوصا وان انتقادات الامم المتحدة لحكومة تل ابيب، باستخدام العنف المفرط تجاه المتظاهرين العزل، وبالتالي فان السلطة الفلسطينية، مطالبة للاستفادة من التعاطف الدولي، للحصول على الدعم السياسي، تجاه قرارات واشنطن احادية الجانب، بشأن القدس.

الانقسام الفلسطيني المستمر منذ سنوات عديدة، بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، يشكل احد العناصر التي تحاول تل ابيب تكريسها، والسعي الدائم لتعميقه، خصوصا وان الانقسام يضعف الموقف الفلسطيني، الامر الذي يستدعي تحريك المفاوضات، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لاسيما في ظل تباعد المواقف والاتهامات المتبادلة، على خلفية محاولة اغتيال رئيس الحكومة الفلسطينية الحمد الله، في غزة خلال الفترة الماضية، فالمرحلة الراهنة تتطلب تجميد الخلافات جانبا، والتحرك الجاد باتجاه توحيد الموقف، بما يحقق المصلحة الوطنية، نظرا للمخاطر الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية حاليا، اذ بدأ العد التنازلي، لمرحلة انتقال السفارة الامريكية، في القدس خلال مايو القادم.

كاتب صحفي