آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

علي الأكبر ملهم الشباب

الشخصيات العظيمة والتي كانت لها إسهامات مؤثرة في مسيرة الإنسانية تعد مصدر إلهام وتنوير للأجيال المتلاحقة، والتي تنظر لها بعين الإكبار لما حققته، ويحذوها الأمل بالسير على نهجها وفكرها للرقي في أعلى درجات النجاح والفلاح، فالشخصية الملهمة والقدوة الحسنة لها تأثير نفسي وسلوكي على الفرد في توجيه فكره ونشوء ثقافته واتجاهاته، ومتى ما أحسنا تقديم تلك الشخصيات الرسالية بأسلوب تربوي محبب، فإننا نضع أبناءنا على السكة الصحيحة في طريق بناء الشخصية القوية في قدراته وفكره.

ولأهمية ودور القدوة وتأثيره على الشباب نجد من يقدم النماذج المزيفة بغرض تميعهم والتعمية على عقولهم، فترى ذاك الشاب أكبر همه وتطلعه إلى أن يحصل على قصة شعر أو موضة معينة لذاك الممثل، وتقتطع تلك الفتاة جزءا كبيرا من وقتها لمتابعة أخبار وأحوال وقصص من يسمون بأهل الفن، وهم غير مستعدين لأدنى اطلاع ومعرفة لما يعلي شأنهم ويساعدهم على رسم أهدافهم ويشعل لهم قبس المعرفة وتنمية القدرات.

قد يتناسى البعض تلك الشخصيات الفذة والمميزة في عطائها وتسنمها قمة الألق والكمال، ونضحت سيرتهم بكل ألوان الفضيلة والشيم والصفات الحميدة، والتي تؤهلها لأن تكون خير قدوة يتأسى بها الطامحون للنجاح والترقي، وإهمالها والجهل بالقيم والدروس التي تستلهم من كلماتهم ومواقفهم يعد جرما في حق التاريخ المشرف للإنسانية وطمسا للوجه الأصيل لها، وحرمانا لها من بناة أمجادها.

إننا أمام شخصية ملهمة للشباب في وقادة فكره ونفاذ بصيرته وطهارة نفس واستقامة، إنه مولانا علي الأكبر الذي يحمل بين جنبيه علما زاخرا تلقاه من آبائه الطاهرين، وصان ذاك المجد التليد الذي ورثه من آبائه سادة الأنام في عظمة أخلاقهم وشجاعتهم وبسالتهم في ساحة المواقف والميادين.

فالشخصية المتألقة تتحلى باطلاع على المعارف الحقة والعلوم المتنوعة، والتي ترتقي بفكره في أفق التخطيط للمستقبل وتقديم الحلول للمشاكل وتشخيص المواقف واتخاذ القرارات، فالجانب المعرفي والثقافي ليس بسحنة ترف وفضول بل هو نور وقبس ضياء في دروب الحياة، وهو الإعداد واستشراف المستقبل بعين بصيرة تحمل كل أمل وطموح والتسابق الشريف لتحقيق المنجزات.

والعظمة والشموخ والخلود ينبع من المواقف الصحيحة القائمة على رأي سديد وصلابة وتمسك بالحق، كما كان عليه هذا العظيم في تشخيص موقفه من راية الظلم والإفساد عن بصيرة نافذة لا عاطفة واتباع أعمى - حاشاه -، بل تمسك بنهج جده المصطفى ﷺ في الوقوف بكل قوة أمام الطغيان والانحراف، والعمل في سبيل إرساء الصلاح والعدالة دون الرضوخ والخنوع لآلة البطش والتنكيل، وقدم روحه الطاهرة في سبيل الله عز وجل تضحية وفداء للدين الحنيف وقيمه؛ ليسجل موقفا عظيما من شاب في مقتبل العمر ما غرته زهرة الدنيا الزائلة.

سار هذا العظيم في ركب الفداء والشهادة في سبيل الله تعالى دون أن يتهيب من خطر أكبر ينتظرهم وهو الموت تحت ظلال السيوف وطعن الرماح، فأظهر الاستبسال في قتال غير متكافئ وزرع الخوف في قلوب الأعداء، وما ذاك إلا نتيجة عمق في فهم الواقع وتشخيصه، وبصيرة إيمانية جعلت حرصه وعينه على مستقبله الأخروي مطلقا الدنيا وهواها.