آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 12:09 م

رمضانيات ”2“

محمد أحمد التاروتي *

عمارة المساجد من إفاضات شهر رمضان المبارك، حيث تعيش بيوت الله موسما عامرا، منذ أطلاله شهر الخير في جميع اصقاع العالم، اذ يتقاطر المصلون على المساجد في جميع الفرائض اليومية، مما يشكل ظاهرة جديرة بالاهتمام بخلاف اشهر السنة، فالاعداد تتضاعف بعدة مرات، نظرا لارتباط شهر رمضان بالزخم الروحي، والتقرب الى رضوان الله سبحانه، بطلب المغفرة والرضوان.

الصفوف الطويلة، والإعداد الغفيرة، من المصلين من مختلف الإعمار في المساجد، تعكس الحفاوة الكبيرة التي يظهرها المسلمون، بقدوم الشهر الفضيل، بحيث يترجم على شكل زيادة الجرعة الإيمانية والروحانية، اذ يحاول المسلم اغتنام الفسحة الزمنية القصيرة، في الخروج باكبر فائدة على الصعيد الشخصي، بغرض مقاومة الإغراءات المادية، التي يتعرض لها طيلة العام، مما يدفعه لمحاولة التحرك الجاد، لصقل الروح قدر الإمكان، ووفقا للقدرة الاستيعابية.

المساجد بما تحمله من مكانة قدسية في نفوس المسلمين، تمثل الملجأ والملاذ للتخلص من تبعات الآثام، وتكفير الذنوب، خصوصا وان المساجد قادرة على إشاعة الاجواء الروحانية في النفوس، فالمساجد قادرة على امتصاص جزء من الحالة المادية، واستبدالها بمعنويات عالية من الطاقة المعنوية، مما يشكل تجديدًا مستمرا للإنسان، باتجاه العلاقة الروحية مع الخالق، وبالتالي فان بيوت الله تشكل المحطة الدائمة للتزود بالطاقة القادرة على التحول الإيجابي، وطرد الحالة السلبية تجاه العلاقة مع الله، وكذلك تصويب العلاقات الاجتماعية.

العلاقة الدائمة مع المساجد ظاهرة إيجابية، على الصعيد الاجتماعي، فالمساجد تسهم في تعميق الروابط الاجتماعية، بين المسلمين على الدوام، بالاضافة لإزالة الكثير من الشوائب، والأمراض الاجتماعية، خصوصا وان التلاقي المستمر يذيب الكثير من الخلافات الاجتماعية، مما يؤسس لمجتمع متماسك قادر، على إشاعة روح التعاون في البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان المشي نحو المساجد لأداء الفرائض، مقدمة لتحسس احوال الاخرين، وتعزيز الاهتمام بالاخر.

شهر رمضان بما يمثل من قيمة دينية، وفريضة عظيمة في الاسلام، يشكل ظاهرة ذات ابعاد عديدة، بالحفاوة غير المسبوقة، التي تعم جميع الديار الاسلامية بمجرد رؤية الهلال، تعطي إحساسا كبيرا بقدرة الفضيل، على احداث تحولات كبيرة، في طريقة التفكير في مختلف المجتمعات الاسلامية، بحيث تتجلى في تحول المساجد الى مقصد دائم طيلة ايام الشهر الكريم، فالكثير يحرص على الصلاة في المساجد، على ادائها في المنازل، خصوصا وان المشي الى المساجد يكسب المسلم الكثير من الثواب العظيم، ”من مشى إلى المساجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس إلا سبحت له الأرض إلى الأرضين السابعة“، ”عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء“،

فضلا عن الثواب الجزيل لصلاة الجماعة، ”إنّ الله يستحيي من عبده إذا صلّى في جماعة ثمّ سأله حاجته أن ينصرف حتّى يقضيها“، الصلاة في جماعة تفضل على كلّ صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة، تكون خمسة وعشرين صلاة".

كاتب صحفي