آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

متلازمة رمضان

فاضل العماني * صحيفة الرياض

يبدو أن متلازمة «رمضان بين الأمس واليوم» تكاد تكون الطبق المثير لكل رمضان، وما زادها التكرار والجدل سوى المزيد من الخلاف والانقسام.

«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»، هو روزنامة التقوى والمغفرة والتوبة، وذروة الفرح والبهجة والسعادة، وحكاية الدهشة والجمال والطفولة، لم يعد كما كان، لأنه وبكل بساطة، يتغير كما تتغير كل الأشياء والصور، وهذه هي سنة الحياة التي تجري على كل التفاصيل، الصغيرة والكبيرة.

في الأمس كان شهر رمضان الكريم فرصة رائعة لممارسة العطاء واللقاء والسلام، وفانوس فرح تتلألأ حوله تسابيح الدعاء والمناجاة والاستغفار، وسجادة صلاة تتهجد فوقها آيات الذكر والعبادة والدعاء. رمضان الأمس أنشودة أنيقة في حضرة النقاء والصفاء والسكينة، وصورة بانورامية ساحرة تتألق فيها كل تفاصيل الفرح والخيال والدهشة، رمضان الزمن الجميل رحلة ماتعة في ذكريات الطفولة والبراءة والمغامرة، وحكاية ثرية بكل التفاصيل والذكريات والصور.

ذلك هو رمضان الأمس الذي مازالت نفحاته الزكية تُعطّر عبق المكان وتنسج سحر الزمان، ولكن ماذا عن رمضان اليوم؟

لقد تحوّل شهر رمضان الفضيل إلى «بازار كبير»، تُعرض فيه كل الأعمال الفنية والسلع الغذائية والأفكار المثيرة، في شهر رمضان الكريم الذي أصبح مجرد ذروة محمومة على كل التفاصيل والمستويات، تتسابق الشاشات العربية من المحيط إلى الخليج، في عرض وتسويق وترويج الفن المبتذل والدراما الصادمة والبرامج الهابطة. طبعاً، هناك بعض الأعمال الفنية الرائعة التي تستحق الإشادة والإعجاب والمتابعة، ولكنها قليلة وتائهة وسط الركام الهائل من دراما الإسفاف وبرامج التهريج.

نعم، قد تكون المقارنة ظالمة بين زمنين وبين رمضانين، فلكل زمن ظروفه وتحولاته، ولكل رمضان ألوانه وتطوراته، ولكن لماذا تصل الأمور إلى هذه القطيعة والتنافر بين الزمنين والرمضانين؟.

ما أجمل رمضان حينما يجمع كل الألوان والرغبات، ولكن بقدر يتناسب مع مكانته وقدسيته، لا أن يطغى جانب على آخر أو يُسيطر مزاج على آخر. ما أجمل رمضان، شهر الصوم والعبادة والمغفرة، وشهر الفرحة والبهجة والسعادة، وشهر المتعة والترفيه والتسلية، فحينما تجتمع كل تلك التفاصيل الرائعة في ليلة رمضانية عامرة بالمحبة والألفة والبهجة، تضم بين جنباتها كل تلك القلوب العاشقة لهذا الشهر الكريم الذي تنتظره بفارغ الصبر، فنحن بلا شك على موعد باذخ مع رمضان يُناسب كل الرغبات والأذواق.

رمضان، شهر الصوم والبهجة، ليس لطرف دون الآخر، ولكنه مساحة كبيرة من الفرح والسعادة، وصورة رائعة التفاصيل والذكريات، يستحقها كل عشاق هذا الشهر الكريم بلا استثناء.

ومهما كانت المقارنة بين رمضان الأمس واليوم محمومة وقوية، إلا أن شهر رمضان الكريم كان ومازال هو الشهر الكريم الذي تعشقه كل القلوب.