آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

حوكمة القطاع الخاص حتى يعطي

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

هناك من لم يصل إليه ”العلم“ بعد، أن نظرية ميلتون فريدمان ”حائز جائزة نوبل في الاقتصاد“، التي أطلقها في بداية السبعينيات قد سقطت سقوطاً مدوياً، ومفادها أن منشآت الأعمال هي ”كائنات“ تسعى للربح ولا شيء غير الربح، وليس عليها من التزام سوى اتباع النظام، وأن لا مسؤولية اجتماعية عليها فيما عدا ذلك! بل إن العالم اتجه إلى تعزيز وتكريس المسؤولية الاجتماعية للشركات عندما اتجه نحو ”الاستدامة“، التي يتبعها عدد محدود من الشركات السعودية المدرجة في السوق، وذلك باستيعاب هذه الوظيفة في هيكلها التنظيمي، ومن الأمثلة الرائدة في هذا السياق شركة أرامكو السعودية ”غير مدرجة“ وشركتا سابك وصافولا. السؤال: كيف نعمم اتباع مجتمع المال والأعمال في المملكة مفهوم الاستدامة؛ فهل يترك الأمر تطوعياً أم تصدر به لوائح وتعليمات؟ مفيد التذكير أن الانتشار الحالي لمفهوم الحوكمة يعود الفضل فيه لجهود هيئة السوق المالية، التي طرحت لائحة الحوكمة، وطلبت وقتها من الشركات المدرجة اتباعها استرشادياً، ووجدنا بعد ذلك أن عديداً من البيوتات التجارية والشركات غير المدرجة أخذت تتبع لائحة الحوكمة طوعاً لما تجلبه من مزايا للشركة من تمايز الأدوار بين القوى المؤثرة في الشركة كمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، على سبيل المثال لا الحصر. أما الاستدامة، فتتجاوز ذلك لتجعل مساهمة الشركة في المجتمع من حولها تحت المجهر. 

ولعل من المفيد التدبر في الدروس المستفادة من تجربة تطبيق مفاهيم الحوكمة لتعميم مفاهيم استدامة الشركات، ومنها تطبيق برامج الاستدامة، وكذلك مفهوم التقارير المدمجة أو المتكاملة بما يعزز الإفصاح من جهة، ويبين جهود الشركات - من خلال تقريرها السنوي - لعديد من القضايا ذات الصلة؛ ليس فقط توظيفها الموارد وعنايتها بها بما في ذلك مواردها البشرية، واهتمامها بالبيئة المحيطة بها على صعد متعددة تستوعب أدواراً ضرورية منها المسؤولية الاجتماعية. ومن المفيد أن تتولى الجهات ذات التأثير دفع منشآت القطاع الخاص إلى التوجه للاستدامة، أي اتباع منهجية للتعايش الإيجابي مع المجتمع من حولها أن تعطيه كما يعطيها! ولعل الخطوة الفارقة هو أن يطلب صندوق الاستثمارات العامة من الشركات التي يمتلك فيها حصصاً أن تمارس أسس الاستدامة، وأن تطلق برامج لتحقيقها، والأمر ذاته بالنسبة لبرنامج التخصيص الحكومي. وبالقطع ستستفيد بنوكنا التجارية من اتباع أساسيات الاستدامة والإفصاح، للإجابة عن سؤال طالما طُرح ولا يزال حول دورها في الاقتصاد والمجتمع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى