آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

رمضانيات ”24“

محمد أحمد التاروتي *

الحقيقة ضالة كل إنسان صادق، مع ذاته والاخرين، فالوصول الى الحقيقة، يتطلب توافر استعدادات عقلية، وقدرة كبيرة على الرضوخ للحق، بعيدا عن العصبيات، او الاستجابة للأهواء، فالمرء الباحث عن الحقيقة يعمل قدر الإمكان، على توفير الارضيّة الخصبة، لتلقي تلك الامور، وبالتالي فانه يتحرك وفق مقتضيات الاذعان للصواب، وتقبل الامور برحابة صدر، ورفض الممارسات غير المتوازنة، والتي تسهم في قلب الحقائق، وتشويش الرؤية، ”الاعتراف بالحق فضيلة“.

المقدمات الصحيحة تقود الى النتائج السليمة، فالمرء الذي يضع الأقدام على الطريق الصائب، ويحرص على الاستمرار دون الانحراف لطرق اخرى، يحصد في النهاية ثمرات العتب، ونتيجة الصمود، في وجه المغريات على اختلافها، لاسيما وان الحقيقة تتطلب في احيان كثيرة بعض التضحيات، مما يشكل تحديا حقيقيا في القدرة على الثبات، وعدم النكوص للخلف، فالحقيقة تستدعي الكثير من الجهد، والبحث الدائم، وعدم الاكتراث لمصاعب، التي تعترض الطريق، وبالتالي فان التزود بالطاقة اللازمة، لمواصلة مشوار امتلاك الحقيقة، احد العناصر الضرورية، لتحقيق النتائج المرجوة.

تقبل الحقيقة ينم عن شخصية استثنائية، وبعيدة عن الرضوخ للضغوط المعنوية، والمادية، خصوصا وان التوازن الاجتماعية، تشكل حائلا في الدفع باتجاه المكابرة، والعمل على قلب الحقائق، فالمرء الذي يحتل مركزا اجتماعيا مرموقا، او يحظى بمكانة رفيعة، يعيش صراعا كبيرا، بين الاذعان للحق، او الرفض للتمسك بالمكاسب الشخصية، والنفوذ الاجتماعي، وبالتالي فان النجاح في الاختبار، يكشف المعدن الحقيقي، والقدرة على الكبيرة على تحكيم العقل، وعدم الانسياق وراء الاهواء الذاتية، والمصالح الاجتماعية.

سيطرة الاهواء على العقل، يحجب الوصول الى الحقيقة، فالعقل يرشد للصواب على الدوام، فيما الاهواء تقود الى الهاوية، وبالتالي فان الاستسلام للغرائز، وعدم الاستماع لصوت العقل، يمنع الوصول للحقيقة، ”أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ“، فالأهواء تحجب الرؤية عن الوصول الى الحق، مما يمهد الطريق للسقوط في مستنقع، يصعب الخروج منه بسهولة، نظرا للافتقار للأدوات اللازمة، لرؤية الحقيقة ناصعة دون مواربة.

تحكيم العقل، وعدم الاستسلام للأهواء، والضغوط الاجتماعية، عناصر اساسية في رؤية الامور، بشكل واضح، فالعقل يمتلك القدرة على تمييز الحق من الباطل، وبالتالي فان إعطاء العقل مساحة كافية للاختيار، يحول دون التخبط والضياع، خصوصا وان التفكير الصائب، ودراسة الامور من مختلف الزوايا، يقود الى اكتشاف الحقائق في النهاية، لاسيما وان القدرة على القراءة الدقيقة للمقدمات الصائبة، يدفع باتجاه الطريق الصائب، فهناك الكثير من الأدوات التي تؤدي الى الحقيقة، وبالتالي فان المرء يمتلك القرار في الاختيار المناسب، بمعنى اخر، فان الباحث عن الحق لا يعدم الوسيلة، في التعرف على الطرق المناسبة لتحقيق الهدف.

كاتب صحفي