آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:08 م

المقاطعة.. التحدي

محمد أحمد التاروتي *

التحدي يشكل السلاح الأكثر قدرة، على كسر تأثيرات المقاطعة، سواء السياسية، او الاقتصادية، او الاجتماعية، فالخصم يسعى لاستغلال قدرته لادخال اليأس في الغريم، خصوصا وان عملية الدخول في صراع مباشر، تتطلب إمكانيات ليست متاحة احيانا، او الخشية من التداعيات غير المحمود، لإعلان التصادم المباشر، مما يدفع لانتهاج سياسة المقاطعة لكسر الشموخ، والانفة للطرف المقابل، فهذه النوعية من الأسلحة ليست مرهونة بفترة زمنية محددة، بمعنى اخر، فان استمرار المقاطعة مرتبط باستنفاذ الاهداف المرسومة، ورغبة الخصم في مواصلة المعركة حتى النهاية، لاسيما وان البعض يضطر لرفع الرأية البيضاء في غضون فترة قصيرة، نظرا للآثار المترتبة على استمرار المقاطعة، على الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

الخلافات لا تشكل سببا لاستخدام سلاح المقاطعة، اذ يحاول الفرقاء تأقلم على الوضع الجديد باقل الخسائر، ومحاولة ممارسة الضغط في الخفاء، من خلال استخدام الاطراف الاخرى، اذ يتحرك الغرماء في البداية لاستقطاب الوسطاء، للحصول على تنازلات، عبر التلويح باستخدام الأسلحة المتاحة، بيد ان سياسة الضغوط غير المبشر تتحول الى حرب كلامية مباشرة، بمجرد الوصل الى طريق مسدود، وتمسك كل طرف بمواقفه، ورفض التقدم بخطوات باتجاه الطرف المقابل.

امتلاك الاوراق الضاغطة، تمثل الرهان الذي يتحرك من خلاله الفرقاء، في الدخول بالمقاطعة، او الصمود للنهاية، فكل طرف يحاول إظهار القدرة على التأثيرات، او استخدام سلاح المناورة، لافشال خطط الطرف المقابل، الامر الذي يتمثل في محاولة كل طرف نشر غسيل الطرف المقابل، لكسب الرأي العام الداخلي والخارجي، لاسيما وان الخصماء يتحركون للحصول، على الدعم الداخلي اولا للخطوات المتخذة، وكذلك المناصرة من الاطراف الخارجية، خصوصا وان الصراع يتطلب الكثير من الصبر، والجهد للانتصار في المعركة القائمة، فالسقف الزمني لإعلان الانتصار، مرهون بصمود احد الفرقاء بالدرجة الاولى.

الشجاعة في قبول التحدي حتى النهاية، وعدم إظهار الضعف، يعطي النتائج الباهرة على صعيد التماسك الداخلي، والحصول على التعاطف من الاخرين، لاسيما وان كل خصم يتحرك وفق خطة مرسومة، لإظهار صوابية قراره، مما يدفعه لانتهاج وسائل مختلفة، لإظهار المظلومية في المعركة القائمة، وامتلاك كل الحقوق في الخطوات المتخذة، الامر الذي يتمثل في البحث عن الحلفاء، للوقوف الى جانبه في معركة المقاطعة المفتوحة، فالأطراف تتحرك وفق قاعدة استمرار الصراع لسنوات عديدة، مما يستدعي الأسلحة من مختلف الوسائل المتاحة، لمواصلة المعركة حتى النهاية.

إرادة التحدي عنصر حيوي، في تجنب الهزيمة في معركة المقاطعة، فالطرف يُؤْمِن بقدراته الذاتية، وإمكانية امتصاص الصدمة الأولي، يستطيع إدارة المعركة بطريقة صحيحة، مما يقلل من حجم الخسائر الناجمة، عن اعلان المقاطعة، خصوصا وان البعض يصاب بصدمة كبرى تفقده التوازن، مما يجعله لقمة سائغة للطرف المقابل، وبالتالي استمرار مواصلة الضغط، للحصول على المزيد من التنازلات، خلال فترة قليلة، بخلاف الطرف الذي يتمكن من تحويل الصدمة الاولى، الى سلاح لتوجيه الضربة المفاجئة للخصم، مما يعيد التوازن مجددا للصراع القائم، لتفويت الفرصة على الخصم للاستفادة من الصدمة الاولى.

كاتب صحفي