آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 2:09 م

المظاهر.. الفطنة

محمد أحمد التاروتي *

امتلاك القدرة على اكتشاف التمثيل، بمثابة طوق نجاة بالنسبة للكثير من الناس، للتخلص من الاحتيال، الذي يمارسه البعض، في سبيل الاستيلاء على أموال، واحيانا مناصب اجتماعية، حيث يتفنن الممثلون في ابتكار مختلف انواع الحيل للخداع، وبالتالي امتلاك القلوب، والحصول على المكافآت على اختلافها، بمعنى اخر، فان التعامل بحذر يمثل السبيل لتفادي الوقوع في الشراك.

التعاطي بالنوايا الحسنة امر مطلوب، خصوصا وان الاخلاق تمثل الوجه الحسن للدخول الى القلوب، بيد ان هناك اختلافا كبيرا بين الطيبة والسذاجة، في التعامل مع الاخر، ”المؤمن كيس فطن“، بمعنى اخر، فان التجارب تكسب المرء القدرة، في اكتشاف النوايا الحسنة والسيئة، لدى الطرف الاخر، ”مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ“، وبالتالي فان عملية تجنب الوقوع في الاخطاء الكارثية، تستدعي التحرك بحذر شديد، ومحاولة الاحتفاظ بالكثير من الاوراق، للاستفادة منها في الأوقات الصعبة، خصوصا وان الطرف الاخر يحاول استخدام العديد للأوراق، للحصول على تنازلات، سواء بشكل طوعي او اجباري.

الافتتان بالمظاهر، والإعجاب بحلاوة اللسان، تشكل خطورة في الوقوع بالمحظور، فالبعض يستغل المظهر لتسجيل النقاط، واحداث اختراق حقيقي، مما يمكنه من الحصول على الثقة، في البداية قبل توجيه الضربة القاضية، بمعنى اخر، فان الممثل يتحرك وفق خطوات مدروسة، بهدف التأثير على الطرف المقابل، فهو لا يقدم على خطوة دون دراسة جميع الاحتمالات، الامر الذي يدفعه لإجراء دراسة وافية، للبيئة الاجتماعية للاطراف المستهدفة، لاسيما وان مهمة التقرب من تلك الشخصيات، تستدعي الحصول كافة المعلومات، وكذلك التعرف على التفاصيل الدقيقة، مما يسهم في اختيار الطريقة المناسبة للتأثير، والحصول على المراد بجهود قليلة.

امتلاك الذكاء في التعامل مع اصحاب المظاهر، يمثل السبيل لإفشاء الخطط المرسومة، فالمرء بامكانه عبور حقول الألغام، من خلال الاختيار المناسب لطريقة العبور، بمعنى اخر، فان الانسان ليس مطالبا بالكشف عن هوية الطرف المقابل، وفضح أهدافه الحقيقية، إنما التعرف على النوايا السيئة، لايجاد الوسيلة للتخلص منها، وبالتالي فان وضع الخطط المضادة، تشكل الطريقة المناسبة، لايقاف تلك المخططات الخبيثة، فأحيانا تكون عبر إيصال رسائل واضحة، باكتشاف الخطط وتارة اخرى بواسطة استخدام طريقة غير مباشرة، للعمل على افشال تلك الاهداف السيئة، اذ لا توجد طريقة واحدة للوقوف امام المآرب الشيطانية، حيث تلعب الظروف الاجتماعية، دورا في اختيار الطريقة المناسبة، لفضح النوايا الشريرة.

الفطنة السلاح السحري، في التعرف على الصديق الوفي، والممثل المخادع، فالظروف الصعبة تكشف جميع الاطراف على حقيقتها، ”عند الامتحان يكرم المرء او يهان“، لاسيما وان الوثوق في كل احد نقصان في العقل، مما يستدعي التفكير مليا قبل الأقدام، على خطوات مصيرية، نظرا للتداعيات المستقبلية، على الصعيد الفردي او الاجتماعي.

بكلمة، ان المظاهر تشكل وسيلة لخداع البصر، قبل تعطيل العقل، حيث تستخدم - المظاهر - في ممارسة شتى انواع الاحتيال، للحصول على مكاسب بطريقة غير مشروعة، مما يتطلب التفريق، بين التحركات الصادقة، والمساعي الزائفة.

كاتب صحفي