آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

المكر.. النتيجة

محمد أحمد التاروتي *

ورقة المكر ليست رابحة البداية دائما، كما انها خاسرة على الدوام في النهاية، فالتجارب الناجحة في الخداع، لا تستدعي الدخول في لعبة خطرة، نظرا لما تحمله من تداعيات كبيرة، وتجلب الويلات على صاحبها، مما يفرض التفكير مليا، قبل الأقدام على هكذا خطوة، فالخطأ يمثل النهاية والخسران، وعدم القدرة على تصحيح المسار، ”وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ“

المكر لا يقتصر على الجانب المادي، ومحاولة سرقة حقوق الاخر، بطريقة ملتوية وغير واضحة، بل يشمل كافة الممارسات الحياتية على الصعيد الفردي والاجتماعي، فكما ان المكر يعرقل المسيرة الصحيحة للمرء، فان ممارسة الخداع لتضليل الرأي العام، يخلق مشاكل كبرى، تسهم في تعطيل الحركة المجتمعية، باتجاه رسم الطريق نحو المستقبل، الامر الذي يؤشر لخطورة مثل هذا السلوك، غير المستقيم سواء الحاضر او المستقبل.

يستغل البعض النوايا الحسنة للاخرين، لتوجيه طعنة في الظهر، حيث يعمل على الاستفادة من الأبواب المشرعة، والقلوب المفتوحة بطريقة خبيثة للغاية، لتوجيه ضربة خاطفة تصيب البعض بالدهشة وعدم التصديق، مما يقود للايقاع بعشرات الضحايا، بيد ان الطريق لا تكون معبدة في كل مرة، ”لا يدع المؤمن من جحر مرتين“، فالضربة الاولى توجع ولكنها تقوي الطرف الاخر، لأخذ الحيطة والحذر، ”فالضربة التي لا تقتل تقوي“، كما انه ”ليس كل مرة تسلم الجرة“، الامر الذي يسهم في وقوع الماكر، في شر أعماله، وانكشاف مستوى الزيف على الرأي العام.

اكتشاف النوايا السيئة، يمثل بداية السقوط، وعدم القدرة على ممارسة، المزيد من التزييف والكذب، خصوصا وان الحذر سيكون حاضرا بقوة في مختلف التعاملات، مما يساعد على تعرية جميع نوايا المكر، بمعنى اخر، فان تسجيل النقاط في الجولة، او الافلات من العقاب بمرحلة زمنية، لا يعني استمرار الفوز في الجولات القادمة، لاسيما وان الهفوات تمثل احدى النقاط، التي يمكن استغلالها بالطريقة المثالية، للايقاع بالطرف السيء، الامر الذي يفضي لدفن جميع الخطط للأبد.

العبرة في النهاية بمختلف التعاملات، فالسقوط في بداية الطريق، لا يعني الفشل على الاطلاق، لاسيما وان التعثر في البداية يسمح بمراجعة الذات، والتعرف على أسباب السقوط، مما يمثل نقطة الانطلاق باتجاه الصحيح، لوضع الالية المناسبة للتعامل مع الطرف المراوغ، وبالتالي فان توجيه الضربة القاضية في الوقت المناسب، بمثابة الرد العملي على الممارسات غير الاخلاقية، التي تؤطر حياة البعض للتسلق، ومحاولة الحصول على جهود الاخرين، بطريقة غير سليمة، ”وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ“.

ممارسة المكر لعبة قذرة، تكشف المستوى الاخلاقي، فالمرء الشريف يرفض استخدام الخداع والكذب، في التعاملات الحياتية، خصوصا وان القيم النبيلة تقف حائلا، امام انتهاج هكذا ممارسات، فالغموض مرفوض وغير مقبول على الاطلاق، وبالتالي فان الاختلاف بين المرء النبيل، والاخر الخسيس، يتضح في طريقة التعاطي مع الاخر، سواء صعيد المعاملات المالية او الحياتية، " كل إناء بالذي فيه ينضح ".

كاتب صحفي