آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الثروة.. السلطة

محمد أحمد التاروتي *

يعطي المال المرء سلطة، وقدرة على فتح الأبواب المغلقة، فالقنوات المحظورة تصبح مباحة للغني، فيما تبقى موصدة في وجه الفقير، نظرا لقدرة الاول على التلاعب في الانظمة، والبحث عن الثغرات، واستخدام المال كمفتاح للبحث عن الحلول، بينما يقف الثاني حائرا، وغير قادر على تحريك الانظمة قيد انملة، نظرا لافتقاره للاموال القادرة على تحريك الجامد في الانظمة، والتشريعات الحاكمة، وبالتالي فان الغني يحاول الاستفادة من الثروة، في تعزيز السلطة عبر استخدام المال، في توسيع قاعدة النفوذ الاجتماعي.

تزايد النفوذ الاجتماعي المرتبط بسلطة الثروة، يحدث في نفس غرورا كبيرا، واستعلاء يبدأ صغيرا، ولكنه سرعان ما يتحول الى مرض، بحيث ينعكس على طريقة التعاطي مع المحيط الاجتماعي، بمعنى فان الهالة التي تخلقها سلطة المال، تحدث اثرا ملموسا على القريب قبل البعيد، بحيث تتحول العلاقات الاجتماعية الى علاقة ربح وخسارة، وليست علاقات إنسانية، الامر الذي يقود لحالة من النفور، وعدم التنازل في التعاطي مع الاخر، مما يسهم في تضييق دائرة العلاقات الاجتماعية، بحيث تنحصر في محيط محدود للغاية، او كما تعرف بالطبقة المخملية.

الشعور بالعظمة جراءالنفوذ الواسع في المجتمع، واحتياج بعض اصحاب النفس المريضة للكسب الرضا، وتلمس قدرة الثروة على احداث تحولات جذرية، عوامل تسهم في تكريس النزعة السطحية، لدى بعض اصحاب الثروة، فهذه الشريحة تنظر للاخرين كعبيد يباعون ويشترون بأثمان قليلة، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة في طريقة التعامل، وكذلك اُسلوب الخطاب، خصوصا وان المال يدفع باتجاه انتهاج أساليب، بعيدة عن الخلق الإنساني، مما يسهم في احداث فجوة كبرى، بين اصحاب المال والمحيط الاجتماعي، بمعنى اخر، فان وجود الثروة لدى شريحة، لا تعرف الطريقة المثالية لصرفها، او ادارتها، يكون نقمة على ملاكها، نظرا للآثار المترتبة على الطريقة الخاطئة لطريقة الانفاق، ”قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى? عِلْمٍ عِندِي ? أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا“.

الاستفادة من الثروة بالطريقة المثالية امر مطلوب، خصوصا وان المال يساعد المرء على تجاوز الكثير من المتاعب الحياتية، ”الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا“، و”الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة“، فاذا استغلت الثروة بالطريقة الصحيحة، تكون طريقا لصلاح الذات، وتمهيد الطريق لاصلاح المجتمع، لاسيما وان وضع تلك الثروة في المكان المناسب، يحدث اثرا عميقا في ردم الفجوة، بين الطبقات الاجتماعية، مما يسهم في تقليص حجم الفقر، ورفع مستوى المعيشة لدى الفرد، فيما يكون نقمة ووبالا على صاحبه قبل المجتمع، بمجرد استخدامه في الطريق الخاطئ، وتحقيق الرغبات الشيطانية، بحيث ينفق في أغراض مختلفة لتكريس النفوذ الاجتماعي، وعدم البذل في سبيل تحقيق الرفاه الاجتماعي، ”فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ“، بمعنى اخر، فان التعامل بطريقة سوية مع الثروة، يشكل السبيل لاصلاح، الذات وإنقاذ المجتمع عبر فتح الأبواب، لتحسين الدخل لدى الفرد، مما يقلص من الطبقة الفقيرة، " ما دخل الفقر بلدا الا قال له الكفر خذني معك ".

كاتب صحفي