آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الموهبة.. الاقتناص

محمد أحمد التاروتي *

طريقة تنمية المواهب تختلف باختلاف أصحابها، فهناك من يحرص على تطويرها بطرق مختلفة، مما يساعده على امتلاك جميع الفنون، والتعرف على ادق التفاصيل، بحيث تتحول الموهبة المدفونة، الى حرفة تدر الاموال على صاحبها، خصوصا وان المواهب على اختلافها تحدث فرقا، في حياة البشر، شرط فتح القنوات المناسبة لها، بمعنى اخر، فان عملية اكتشاف الموهبة تبدأ بشكل عرضي احيانا، مما يستدعي الوقوف امام هذه الميول، بما يحقق الامال والرغبات.

بينما يسهم التفريط في تنمية الموهبة، في بقائها مدفونة تحت الرمال، نظرا لعدم وجود البيئة الخصبة، لنموها بشكل طبيعي، الامر الذي يحرم صاحبها من الاستفادة منها، وفقا للاليات والطرق المتعارفة، بمعنى اخر، فان إظهار الموهبة بالشكل اللائق، مرهون بصقلها بطريقة احترافية، وبالتالي فان التهاون والتكاسل في اكتساب الأدوات المساعدة، لترجمة المواهب على ارض الواقع، يحول دون القدرة على جعلها في متناول اليد.

عملية امتلاك المواهب ليست سهلة احيانا، فهي بحاجة للبذل والصبر، سواء البذل المادي، او الصبر في الوقت، فالأمور تتطلب التأني وعدم الاستعجال في حصد النتائج، لاسيما وان البذرة الصغيرة تحتاج الى الرعاية المستمرة للنمو، من اجل الوقوف على ساقيها، قبل انتاج الثمر، بمعنى اخر، فان الحصول على الثمار يكون بعد المرور بمراحل عديدة، بعضها سهلة والبعض الاخر شاقة، فالعبرة بمدى القدرة على الصمود، وعدم الاستسلام، وترك اليأس جانبا، لاسيما وان المرء لا يجد الطرق مزروعة، بالورود على الدوام.

الاستفادة من الخبرات امر مطلوب في تنمية المواهب، فالمرء لا يمتلك المعرفة، مما يضطر للجلوس، امام اصحاب الخبرة للتعرف على الأسرار، والوقوف على الخبايا المتعلقة بتلك الحرفة، او ذلك العلم، خصوصا وان نقل المعرفة من جيل لآخر، يسهم في استمرارية العطاء البشري، ويحول دون انقراض بعض الحرف من الحياة، بمعنى اخر، فان التعالي لا يخدم اصحاب المواهب على الاطلاق، فالانسان المتواضع امام العلم يحصد ثمرة تواضعه، ويحصل على الفائدة المرجوة خلال فترة زمنية، تبعا لمدى الاستيعاب، ووفقا للحب لتلك الموهبة.

الاقتناص الأمثل للموهبة بمثابة المفتاح، للتعرف على الكثير من الأسرار، فالمرء الذي يعرف ”كيف تؤكل الكتف“، يتغلب على اقرانه في الحصول على نصيب الأسد، من المعرفة، فضلا عن قطع أشواط طويلة خلال فترة زمنية، بالمقارنة مع السقف الزمني المتعارف عليه، ”فاز باللذات من كان جسورا“، فالاقتناص امر مطلوب في الاحيان، لإظهار الموهبة بالشكل اللائق، خصوصا وان الفرص المتاحة امام المرء ليست كثيرة، مما يتطلب سرعة اقتناص تلك الفرص، وعدم الانتظار ضياعها، ”ضياع الفرصة غصة“، وبالتالي، فان الاختلاف في بروز بعض الاشخاص على حساب الاخرين، في القدرة على القراءة الدقيقة للظرف الزماني، وسرعة التجاوب مع تلك الفرص بالطرق السليمة، الامر الذي انعكس بصورة إيجابية على الصعيد الشخصي، والاجتماعي.

بكلمة، فان ارتباط صقل الموهبة بالبروز الاجتماعي، مرهون بالقدرة على الاقتناص المثالي للظروف الزمانية والمكانية، لاسيما وان البعض يتحرك بشكل دقيق في المجتمع، للاستفادة من المستجدات بما يخدم تطوير مواهبه، من اجل إظهارها بما يخدم مصالح في الغالب، وتطويعها لخدمة المجتمع في احيان اخرى.

كاتب صحفي