آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

حفلة Bye - bye single

ليلى الزاهر *

 ارتدت فستانا جميلا وودّعت أمها وهي عازمة على الذهاب لحفلة صديقتها سألتها أمها: إلى أين سوف تذهبين؟ أجابت:

حفلة مريم «Bye - bye single»

ثم يأتي بعدها حفلة الزواج الذي تجاوزت كوشته «عرشه» العشرون ألف ريال وربما أكثر بكثير ناهيك عن الفستان الذي أبدعت كل من المصممة والخياطة في إخراجه، والفرقة الموسيقية الصاخبة في صالة «ليست كعرض السماء والأرض» ثم ماذا بعد؟ التهاني والتبريكات اختفت بلا شك سوف تختفي لابد أن يرتاح أهل الزواج دهورا من جراء تعبهم الذي استمر شهورا.

إن الطريق للفرح بزواج الأبناء طريق طويل مرهق جدا ومكلف ماديا وربما هو محزن وأن اعتلته الفرحة ومعالم الابتهاج؛ لأنه يضغط كثيرا على جميع الأطراف المشتركة في مراسيمه، وبعده يأتي السفر ومتطلباته، ثم الحمل والولادة وحفلة استقبال المولود التي استبدلت باستقبال ملكي فاخر نتنافس فيه لتقديم أفخم الحلويات.

ونسينا في خضم ذلك كله أنفسنا وكيف نفرح بهذه المناسبات وقد أغرقتها الماديات المترفة. بل أصبح من التخلف والجمود أن تتحدث بهذه التكاليف المادية المرهقة وكأنك من البخلاء ويا للعجب كيف لنا أن نتمادى في الحديث عن هذه التكاليف عندما تتصدى الأم قائلة: ابنتي ليست أقل مستوى من غيرها! ومن هنا ظهرت أطرافا جديدة مساندة للفكر الغير ناضج وتسعى لتنشئته ظاهريا فقط دون الانتباه لأعماقه وإصلاح جذوره لتنمو أفكاره يانعة أنيقة تتنفس الهواء النقي في بيئة خالية من الفساد الفكري المنتشر بيننا.

حقيقة مهمة أغفلناها وتركنا تدوينها في دفتر خبراتنا وهو أن المال الذي بحوزتنا هو مال الله تعالى وأمرنا المولى بإنفاقه في روافده الصحيحة، وفي سبيل الخير، وهذا ما صرح به القرآن الكريم:

﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ «النور: 33»

وقد نتسبب من خلال هذا المال في تفجير طاقات حقد هائلة في المجتمع وإحداث فجوة اجتماعية بين الأفراد.

إذ أن التبذير وصرف المال على نحو غير مفيد خرج من بعض الطبقات الغنية في المجتمع وبعض من الطبقات المتوسطة الذين أثاروا حفيظة الفقراء فتمردوا على ذويهم. وعندما يصفهم القرآن بالمبذرين والمسرفين تحت أي ظرف كان فأنه يسلب منهم صفة من صفات المؤمن المعتدل صاحب التوسط، إذ اطلق القرآن الكريم وصف المبذر والمسرف على الفئات الغير مؤمنة، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ «83: سورة يونس»

وقال تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ «151: سورة الشعراء»

ربما سارت أمورنا بأبسط من تلك التعقيدات، وربما كان نِتاج الأسرة أفضل بكثير عندما نتخلى عن تلك الطقوس الدخيلة ولكن كيف حتى دخلت علينا؟!

هل من تلك الدول الأوربية التي نزورها للسياحة والاستجمام أو لقضاء شهر العسل؟ لا أتوقع ذلك فهم يقيمون حفلات زواجهم في الحدائق والزفة في الشوارع كلما أمكن وبمكياج بسيط وعشاء أقرب للتوسط!

أم أنها اجتهادات شخصية يخترعها أحدهم ويقتدي بِه جماعةُ «نسخ ولصق» دون وعي وإدراك للعواقب.

هيهات أن ينافسنا أحد في استحداث هذه العادات القاتلة للفرح، بل نحن سبّاقون في إرهاق من حولنا ماديا وجسديا!

لنا الله ونبتهل له تعالى أن يخلصنا مما ألمّ بنا فنعود كما كنا سابقا شريطة ألا يكون قد فات الأوان. وهنيئا لمن لايتأثر بتلك العادات المقحمة في مجتمعنا الإسلامي والتي تُحزن وبلاشك رسولنا الكريم لو كان حاضرا بيننا لأننا قفزنا قفزة مطوّلة عن ملامح رسالته الحقيقية. والطريف في الموضوع انتهاء بعض الزواجات تلك والتي صُرف عليها المبالغ الطائلة إلى طلاق أوخلع.

مثل نهاية الحقيبة الماركة في حاوية المهملات.