آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

المكابرة.. النصيحة

محمد أحمد التاروتي *

ادارة الظهر للنصائح تقود صاحبها الى المهالك احيانا، خصوصا وان التغاضي عن رؤية الصورة بالشكل الكامل، تهدف لاتخاذ القرارات الخاطئة، وغير المتسقة مع التطورات على الارض، مما يسهم في إهلاك الحرث والنسل، لاسيما وان النظرة الاحادية تنطلق احيانا من النوازع الشخصية، وبالتالي صعوبة اختيار الطريق الصحيح في معالجة الامور.

تداعيات المكابرة تكون كارثية على أصحابها بالدرجة الاولى، فهذه النوعية من الممارسات الاجتماعية تخلق المزيد من الفرقة، وتولد المزيد من العداوات، خصوصا وان الاطراف الصادقة لا تجد مناصا، من الابتعاد جراء تجاهلها بشكل كامل، بمعنى اخر، فان تكشف عدم صوابية الاختيار، قد تقود للانتحار المعنوي والجسدي، نظرا لبقاء اصحاب هذه النوعية من البشر دون نصير، مما يشكل صدمة نفسية قوية، يصعب احتمالها، تترجم على شكل قرارات متهورة، وغير متوقعة على الاطلاق.

المكابرة وتجاهل النصائح الصادقة، مرتبطة احيانا بنوع من التعالي، وعدم الاعتراف بصوابية الاخر، فالبعض لا يرى احدا قادرًا على التفكير السليم باستثنائه، مما يفقده القدرة على التوازن، وترجيح الاّراء الصحيحة، الامر الذي يدفعه للسير باتجاهات متعرجة، وغير مستقيمة على الاطلاق، حيث يعتبر جميع الأصوات الصادقة منافسة، واحيانا عدوة، مما يحدث نوعا من الفراق والخصومة، بينما تتطور الامور لتتخذ مسار التصفية المعنوية والجسدية، بهدف استبعاد تلك الأصوات، والبقاء في الساحة وحيدا فرديا بدون منازع.

الاصرار على الرأي مرتبط بالحالة النفسية، فالبعض يعتبر الاستماع للنصائح، بمثابة ضعف، وخضوعا كاملا للاخر، مما يدفعه للتمسك بالاراء، وعدم التنازل عنها، الامر الذي يشكل بداية الهاوية والانزلاق، باتجاه مسالك غير محمودة النتائج، ”من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها“، ”ولكن لا تحب الناصحين“، بمعنى اخر، فان الخشية من التعرض للنقد من الابواق المأجور، تشكل احد الأسباب وراء انتهاج سياسة المكابرة، في التعاطي مع الأصوات الناصحة، خصوصا وان هناك أطرافا تقف بالمرصاد لكافة الأصوات الصادقة، باعتبارها منافسا حقيقيا في انقاذ السفينة من الغرق، وبالتالي فان الدعوات الصادقة تفسر بطريقة خاطئة، مما يؤسس لاتخاذ مواقف سلبية تجاهها في نهاية المطاف.

اختيار الطريقة المناسبة، تمثل احد الوسائل المؤثرة في قبول الطرف الاخر، ”وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ?“، فهناك العديد من الطرق القادرة على إيصال الصوت بالشكل المطلوب، مما يسهم في استمتاع الطرف المستهدف، بمعنى اخر، ان النصيحة بحاجة الى شخص قادر على ترجمتها، بطريقة تنسجم مع طبيعة الطرف المستهدف، فكل إنسان بحاجة الى طريقة مختلفة عن الاخر، تبعا للمستوى الثقافي، وكذلك الظرف الاجتماعي، وغيرها من الامور المختلفة، وبالتالي فان الناصح يتحمل جزء من المسؤولية في طريقة العرض، فكما ان المكابرة مرض يقود صاحبه للهلاك، فان الناصح مطالب بالبحث عن افضل السبل، للتعبير عن الاّراء، بطريقة بعيدة عن التشنج وغير عدائية، مما يسهم في تحقيق الاهداف المرجوة للنصيحة.

كاتب صحفي