آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

أحمد وإيلين

المهندس هلال حسن الوحيد *

أجيالٌ تأتي وأجيالٌ تنتهي، صفوفٌ من البشرِ تنتظمُ وتأخذ دورها. ليست البداية أو النهاية ذاتَ معناً غير أننا استهلكنا من طاقةِ الارضِ أكثر أو أقل ولكن المهم ما حشرناهُ بين البدايةِ والنهاية من أعمالٍ حولت السواقيَ إلى بِحَارٍ تصب في محيطِ الإنسانية. لا معنى للحياةِ حين نعيشُ في الدنيا كمن ينتظر رصاصةَ الرحمةِ التي تخرجه منها دونَ أن يأسفَ على نفسهِ أو يبكيهُ أحد.

اصطف في الحياةِ إبني أحمد الذي أكمل سنةً من عمرهِ مشى فيها باكراً في كاملِ العتاد. يمشي ويتعثر قليلاً يقول: ”أنا في الصَفِّ الأول أقومُ وأعثر، لا عذرَ لمن يسقط ولا يحاول النهوض. لن تضيعَ خطانا التي نخطوها بلا خوفٍ أو وجلٍ نحو الحياة. أنتم أيها الكبار يأتي يومٌ تسقطونَ فيه. لا تجزعوا فتصيبكم الكآبة، امسحوا دموعكم وانهضوا“.

إيلين جاءت باكراً في رمزيةِ استطلاعِ الحياة تقول: ”ما هي الحياة؟ أسمعُ عنها ولا أراها، ها أنا ذا قادمةٌ قبل أن ترغمني الحياةُ ذاتها على الخروج. أعجبتني الحياةُ وعشقتها قبل غيري“. مرت الأيامُ والليالي وكبرتْ إيلين. لا تخافوا من الأيامِ والليالي، الزمنُ هو من يقويكم ومصدر قوتكمْ.

كبرَ احمد وإيلين وبعد أيامٍ لن نراهم كثيراً وفي كُلِّ مرةٍ نراهم سوف يكبرانِ قليلا. إن بقيت هذه الكلماتُ في حافظةِ التاريخِ والتقنية سوف يجدانهَا يوماً ما ويعرفانِ أن كُلَّ صَفٍّ من البشرِ يحمي من بعده ويتعرى كُلُّ صَفٍّ عندما ينزاح من قبله. يكبر الصغيرانِ ويقولاَ لي: ”إيه يا جدي تعالَ وامسك بيدي، أمسكتني زمانْ يومَ كنتُ صغيراً“.

إن الجَمَالَ في الصغارِ يصبح ينبوعاً صافياً إن حميناهُ من الأكدارِ يبادلنا الشعورَ بالشعور أو يصبح مصدراً للألمِ إن نحن لوثناه. اصطف أناسٌ كنا نعرفهم لم يكونوا ملائكةً أو شياطيناً كلهم ولكنهم كانوا بشراً، جيلٌ قاربَ بزوغُ فجرِ ليلهِ، لتكن مشيئتكَ الرحمةُ يارب:

ليت من يسأل جيرانَ النقا

هل لنا بعد افتراقٍ ملتقى

عاننا الدهرُ فأضحى شملنا

بعد ما كان جميعاً فرقا

وهي الأيامُ من عاداتها

رد صفو العيشِ طرقاً رنقا

كُلَّ شَيءٍ غيَّرتْ منّي النَّوى

بَعدكُم إلاَّ الجَوَى والحُرقَا
خَان فيكُم حُسنُ صَبرِى، وَوفَى
لكم الدمعُ فآلى لا رقَا
ليت من يغبط أبناءَ الهوى
ذاقَ ما يَلَقْونَ فيه: من شَقَا
"أسامة بن منقذ"

مستشار أعلى هندسة بترول