آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

التحالف.. الخوف

محمد أحمد التاروتي *

هناك فرق شاسع بين التحالفات الاستراتيجية، القائمة على مبدأ الوقوف معا في الضراء والسراء، والتحالفات المصلحية المنطلقة من التقاء مصالح مشتركة في ظروف محددة، فالاولى يمكن الاعتماد والاستناد عليها، نظرا لوجود مبادئ استراتيجية، تدفع باتجاه تدعيم التحركات المشتركة، والعمل الجاد لمجابهة الاعتداءات، او غيرها من الاخطار سواء السياسية او الاقتصادية، بينما الثانية تكون عرضة للانهيار في كل لحظة، خصوصا وان المصالح التي تحرك تلك التحالفات قابلة للتغير، مما يقود لإنهاء العلاقة القائمة بين الطرفين.

تحرص الدول على بناء التحالفات الاستراتيجية، باعتبارها الاكثر قدرة على الصمود، والبقاء في وجه العواصف للسياسية والاقتصادية، خصوصا وان التحالفات الاستراتيجية تقوم على مبادئ ثابتة، وأهداف مشتركة، مما يسهم في تكريسها على المدى البعيد، اذ تبرز أهمية التحالفات الاستراتيجية في الازمات، التي تتعرضها بعض الدول، بحيث تجد العون والسند من الحليف الاستراتيجي، فيما يقف الحليف المصلحي في الغالب، بعيدا ويراقب من مسافة بعيدة، بانتظار النتائج، من الانقضاض في في غفلة من الجميع للإمساك الفرصة السانحة، لاسيما والتحالفات المصلحية على قائمة النهش في الجسد الضعيف، بمجرد تعرض الحليف لازمة سياسية او اقتصادية.

التحالفات الاستراتيجية تصبح على المحك في الامتحانات الصعبة، حيث تبرز مصداقية تلك التحالفات بشكل جلي، لاسيما وان الظروف السياسية والمشاكل الاقتصادية، ليست على نسق واحد، او حالة رغد العيش والاستقرار الكامل، مما يفرض على الحلفاء اظهار متانة التحالف، ومجابهة التحولات السياسية، والاقتصادية القاهرة، خصوصا وان الازمات السياسية والمصاعب الاقتصادية، مرتبطة بضغوط خارجية، واحيانا نتيجة اضطرابات داخلية، او قصور في النظام الاقتصادي، مما يستوجب المساعدة العاجلة، للخروج من الظروف الاستثنائية باقل الخسائر.

التحالفات المصلحية تعتمد على مبدأ ”اقتناص الفرص“، فهناك بعض الدول تحاول الاصطياد في الماء العكر، بحيث تبرز عضلاتها بمجرد حصول خلافات سياسية، او مشاكل اقتصادية، داخل احدى الدول، من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، فهي لا تتحرك من مبادئ اخلاقية، او قيم إنسانية، نظرا لادراكها حاجة بعض الدول للعون، والمساعدة العاجلة، مما يدفعها للضغط للحصول على تنازلات مؤلمة، لاسيما وان تكرار هذه الفرص ليست متاحة على الدوام، الامر الذي يفسر تحرك بعض الدول السريع لمد يد العون، بمجرد تعرض اقتصاديات بعض الدول لمشاكل كبرى.

تكمن خطورة التحالفات المصلحية، في ادارة الظهر بشكل كامل، وتجاهل جميع النداءات، والاستغاثات للحصول على المساعدة العاجلة، فتارة تكون بسبب اختلاف المصالح في المرحلة الراهنة، وبالتالي الإبقاء على مسافة كبيرة بين الطرفين، وتارة نتيجة الخوف من التعرض للعقاب من احد الاطراف القوية، مما يفقدها القدرة على ابداء التعاطف، فضلا عن التحرك لتقديم المعونة الحقيقية.

تبقى التحالفات المصلحية مغامرة خطرة، نظرا للآثار السلبية المترتبة عليها، فهي لا تعتمد على أسس متينة على الاطلاق، لاسيما وان كل طرف ينظر للتحالف بطريقة خاصة، وفقا للمصالح الذاتية، مما يقطع الطريق امام الالتقاء عند نقاط مشتركة، الامر الذي يهددها - التحالفات المصلحية - بالانهيار السريع والمفاجئ، بخلاف التحالفات الاستراتيجية القائمة على القواسم المشتركة.

كاتب صحفي