آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

بصيص أمل

محمد أحمد التاروتي *

وسط جبل الازمات التي تعصف بالعالم الاسلامي منذ عقود طويلة، يبقى الامل قائما بتحولات كبرى، تعيد البسمة الى الارامل واليتامى، في مختلف الدول الاسلامية، خصوصا وان هذه الشريحة تمثل الضحية الاولى، في جميع الازمات المزمنة، التي يتخبط فيها العالم الاسلامي، فالارامل واليتامى يمثلون الحلقة الأضعف، التي تتأثر بمختلف التحولات في كافة الدول الاسلامية، الامر الذي ينعكس بصورة واضحة على وجوه هذه الطبقة، اكثر من غيرها من الطبقات الاجتماعية.

الامل الحبل الذي يتمسك به الانسان، للعبور الى مستقبل افضل، لاسيما وان اليأس يدمر المرء اولا، والمجتمع ثانيا، مما يفرض التحرك باتجاه المستقبل الواعد، باعتباره الخيار الاكثر قدرة، على لأحداث تحولات حقيقية، في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان الاستسلام للواقع المزري يخلف تداعيات سلبية، ويسلب الارادة القوية، الامر الذي يكرس الواقع البائس، ويحطم مختلف الاحلام المستقبلية، فالمجتمع الذي يفقد الامل في التغيير، يعيش واقعا مرا في مختلف المجالات.

النظرة المتفائلة ظاهرة صحية، نظرا لما تمثله من رؤية إيجابية، لتحطيم القيود المادية والمعنوية، فالمجتمع الذي يتحرك بايجابية يسهم في عملية البناء، والنهوض في العديد من المجالات، بينما المجتمع المتشائم يحفر قبره بيده، ويعلن تاريخه وفاته بارادته، نظرا لسيطرة اليأس في جميع مفاصل الحياة الاجتماعية، الامر الذي ينعكس على الحركة المجتمعية بصورة عامة، مما يجعله عالة وعبء على المجتمعات البشرية الاخرى.

وجود الامل لا يعني اغفال الاسباب المادية، لعملية التغيير الشاملة، فالمجتمع الذي يحاول النهوض ينبغي ان يتسلح بمختلف الأسلحة المادية، القادرة على صنع الفرق، واجراء التحولات الحقيقية، فالتغني بالامل بدون وجود عناصر النهوض الشاملة، لا يجدي نفعا على الاطلاق، ”وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً“، وبالتالي فان إيجاد مقومات التحرك الحقيقي، مرتبط برغبة صادقة باتجاه التغيير، بمعنى اخر، فان الحديث عن الامل والنظرة المتفائلة، يعتبر مضيعة للوقت، بدون وجود أدوات قادرة، على احداث الفرق على ارض الواقع، مما يستدعي الاستعداد المثالي للدخول، في مرحلة البناء والنهوض الشامل.

النهوض من تحت ركام الازمات، التي تعصف بالعالم الاسلامي، يتطلب إيجاد المناخات الايجابية على ارض الواقع، خصوصا وان العالم الاسلامي يمتلك الكثير من عناصر النهوض، ويحتضن العديد من الكفاءات البشرية، وكذلك الموارد المالية والثروات الطبيعية، بيد ان المشكلة تكمن في انعدام الارادة الصادقة، باتجاه التحول الحقيقي، خصوصا في ظل وجود حالة من التشاؤم، وكذلك الفساد الشامل، مما يعرقل جميع المحاولات الصادقة، باتجاه التغيير الحقيقي، بمعنى اخر، فان غياب النوايا الصادقة، وتحطيم الكفاءات البشرية، يعيق جميع الجهود المبذولة بالاتجاه الإيجابي.

يبقى الامل قائما في غد مشرق، يعم العالم الاسلامي، لاسيما وان العالم الاسلامي يعيش حاليا فرحة عيد الأضحى المبارك، فالابتسامة التي يدخلها العيد على وجوه الجميع، بمثابة بصيص أمل باتجاه خلق واقع مغاير الوضع الراهن، الامر الذي يدفع باتجاه تغليب النظرة المتفائلة على الواقع البائس.

كاتب صحفي