آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

هل تتصفح الإنترنت أم مواقع التواصل الاجتماعي؟

أمين محمد الصفار *

إقبال مجتمع معين علي مواقع التواصل الاجتماعي لا يحقق المعرفة المرجوة من استخدام الانترنت، لذا فأن التفريق وعدم الدمج بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبين استخدام الانترنت مهم جداً، فاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو - في معظمه - شيء من البوح بين الأفراد ولا يتجاوز التسويق التجاري في أحسن حالاته، خصوصاً إذا علمنا أن الحسابات الوهمية وشبه الوهمية أصبحت فيه أكثر من الحسابات الحقيقية.

سابقاً كانت الأهالي في بيئتنا تتفاخر بمجرد تواجد أبناءها أمام شاشة الكمبيوتر باعتبار انه سيستفيد من هذا التواجد وهو أفضل من غيره من الأقران الذين يلهون خارج البيت، إلى أن اكتشفنا أن الموضوع لا يعدو كون معظم هؤلاء الأطفال هم أمام لعبة إلكترونية عادية يلعبونها باستخدام الكمبيوتر وليس كما يأمل أو يتوقع الآباء. ولعلنا الان في استخدام برامج التواصل الاجتماعي لا نختلف عن هذه الصورة.

أن وسائل التواصل الاجتماعي عززت في معظم حواراتها نقاش وتتبع سلوك الأشخاص بعضهم لبعض في كل شيء تقريبا، حتى أصبحت ظاهرة تفتك بالعلاقات الاجتماعية، وخلقت نمطًا يعتمد على الابتذال في إظهار كل الخصوصيات تقريبًا، حتى صار البعض يلقى أسباب سوء العلاقات البينية بين الناس على مستوى العائلة والأصدقاء ومحيط العمل على هذه الوسائل، بل أننا سمعنا مؤخرا في الإعلام من يتهمها كأحد أسباب الطلاق بين الأزواج.

على مستوى آخر، فأن وسائل التواصل الاجتماعي متهمة بسرقة الجهود الفردية، فجعلتها غير قادرة - حتى الآن - على التحول لجهود مؤسسية قادر - على الأقل - على إيجاد حلول فعالة داخل دائرة سلوكيات الأفراد التي ينتقدونها، فضلاً عن أن تقدم رؤى وأفكار لمشكلات قائمة أو متوقعة أو رؤية آفاق مستقبلية أوسع. فهي لم تنجح حتى في خلق محتوى يعالج ما يصطاده الأفراد على بعضهم بعض من سلوكيات أو ممارسات ينتقدها الأفراد ضد بعضهم البعض، هذا المحتوى المأمول كان يمكن أن يكون في مكانه الطبيعي وهو فضاء الإنترنت كي ينمو ويُطور ويُراكم عليه.

هذا الفارق في الاستخدام خلق مسافة وفارق كبير لدى بعض المجتمعات بين وسائل التواصل الاجتماعي وبين استخدام الانترنت.

أن الانترنت هي المجال المفتوح لكل أنواع المعرفة والتواصل وبيئات ومنصات العمل المختلفة والتجارة بأنواعها والتطبيقات والاتجاهات الذكية بمسمياتها، بالرغم من القيود التي تم وضعها من قبل الشركات والحكومات لأغراض الاحتياطات والمحاذير الأمنية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وغيرها.

أن استخدامات الإنترنت تتوسع وتتوسع معها الفوائد المختلفة ومعهما التحديات أيضا، فهي تبدو وكأنها - وهي كذلك بيئة سباق محموم بين الأخيار والاشرار أو بين اي فريقين أو أكثر لكن لا أفراد فيها، هذه طبيعة اقتضاها النمط شبه المفتوح للإنترنت.

لقد ساعد تطور التقنية على دعم مختلف الشركات والمؤسسات العامة في تطوير أدائها وتحسين مكاسبها عبر تطوير أساليب مراقبة سلوك وأداء الشركات والمؤسسات المختلفة وعملائهم، وكذلك تطوير الجهود الاجتماعية المؤسسية لفهم سلوكيات المجتمعات ككتل اجتماعية، أما قيام الأفراد بتتبع سلوكيات بعضهم كأفراد فلعل هذا ما يمكن وضعه في خانة إساءة الاستخدام لا أكثر.