آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

براءة الذئب

محمد أحمد التاروتي *

يتجنى البعض على الحقيقة، من خلال اختلاق اعداء وهميين، حيث يعمد لتوجيه اصابع الاتهام لجهات مختلفة، بغرض لفت الانظار عن الحقائق الناصعة، خصوصا وان عملية التورط في صنع الحدث، تخلق بعض ”المنغصات“، مما يستدعي توجيه الانظار باتجاهات متعددة، وبالتالي محاولات الظهور بمظهر النظيف والطاهر، فعمليات تبيض الوجه تختلف باختلاف الضغوط الاجتماعية، الامر الذي يستدعي اختلاق اعداء وهميين، في سبيل الحصول على صك البراءة، من البيئة الاجتماعية.

امتلاك صك البراءة مرتبط بنوعية الادوات المستخدمة، في تزييف الحقائق على الارض، لاسيما وان القدرة على اخفاء الادلة المادية، يسهم في مسح الصورة البشعة، لدى بعض الشرائح الاجتماعية، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على طريقة التعاطي، في المراحل اللاحقة، لاسيما وان بقاء الصورة السابقة يعرقل جميع الخطط، لتحقيق الاختراقات المطلوبة، في سبيل الحصول على التأييد الشعبي، مما يستدعي التحرك السريع لاجادة دور الضحية، والتلاعب في مختلف الادلة المادية، بغرض احداث تحولات جذرية، في نمطية التعاملات الاجتماعية في المرحلة القادمة.

فشل الاعداء الوهميين، في اثبات البراءة من التهم الموجهة، يمثل احدى الثغرات الاساسية، التي تستغل من الاطراف المستفيدة، بحيث يجري قلب الطاولة رأسا على عقب، مما يعني تحول الجلاد الى ضحية، وبالتالي الحصول على التعاطف الداخلي، بحيث يمهد الطريق امام صدور صك البراءة، من الاحداث المؤلمة، خصوصا وان قصور القدرة المالية لدى الاعداء الوهميين، يساهم بدوره في تكريس الصورة المشوهة، المرسومة لدى البيئة الاجتماعية، بمعنى اخر، فان التعاطي بصورة سلبية مع الاتهامات غير الصحيحة، يقلب العدو الوهمي الى عدو حقيقي، مما يشكل خطورة كبرى على قدرته، في ازالة تلك الصورة المزيفة، من الرأي العام الاجتماعي.

القدرة على ادارة الصراع، بشكل احترافي من اصحاب الاحداث، يعطي نتائج صادمة على اطار البيئة الاجتماعية، بحيث تبدأ عملية غسيل الدماغ تؤتي ثمارها، مما يجعل الحقائق على الارض، تتحول الى اكاذيب تروج من قبل الاعداء، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على اتساع دائرة التأييد الشعبي، لاسيما وان غياب الصوت المؤثر في كشف الحقيقية بدون تزييف، يترك الساحة فارغة لملأها بالصوت الاخر، بمعنى اخر، فان القدرة الاحترافية في تكريس العدو الوهمي، بالوسط الاجتماعي، يمثل الوسيلة الاكثر فاعلية، في اخفاء الادلة الدامغة، مما يساعد على تبيض السجل التاريخي، للخروج بصورة مغايرة تماما، عن الصورة المطبوعة في البيئة الاجتماعية.

البراءة من افتعال الاحداث الصارمة، تشكل الهدف الاساس لاستمرارية الاعمال في الخفاء، فالمستفيد يتحرك في البداية للحصول على صك البراءة، خصوصا وان اكتشاف الحقائق يحد من القدرة، على مواصلة مشوار البطش، وبالتالي فانه يضع في الاعتبار مواصلة مشوار ”الكذب“، عبر توجيه الاتهامات في جميع الاتجاهات، من اجل امتلاك ”البراءة“ في البيئة الاجتماعية، الامر الذي يعطي مساحة واسعة، لانتهاج السياسة ”الاجرامية“ في الخفاء، بعيدا عن الاعين، فهو لا يتورع من تقديم المساعدة للطرف المتضرر في النهار، ويمارس العنف في المساء، فالعمل الانساني بغرض كسب التأييد الشعبي، فيما الممارسة في المساء، بهدف اسكات الاصوات الاخرى.

كاتب صحفي