آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

التزييف.. المصداقية

محمد أحمد التاروتي *

يلجأ البعض لاستخدام أنصاف الحقائق لممارسة التزييف، ونشر الشائعات لاغراض متعددة، بعضها مرتبطة بتحقيق مصالح ذاتية، والبعض الاخر لتنفيذ اجندات داخلية او خارجية، الامر الذي يفسر رواج الكثير المعلومات المغلوطة، التي تحمل جزء من الحقيقة، وكثير من الكذب، بحيث يتم استخدام سلاح الحقائق المسمومة الى الاهداف المرسومة، من خلال استخدام دور احترافي بواسطة جزء من المعلومات، وبالتالي خلق حالة من الارباك في المجتمع، للحيلولة دون وصول الحقائق بالشكل السليم، لمختلف الشرائح الاجتماعية.

لعبة التزييف مرهونة بوجود بيئة مشجعة، فالمجتمع الذي يرفض التعاطي مع هذه النوعية من المعلومات، يجبر الجهات المروجة على اعادة تقييم الامور بشكل مختلف، خصوصا وان الاصطدام مع البيئة الاجتماعية، نتيجته الهزيمة في الغالب، الامر الذي يفسر الحرص الدائم على كسب ود اكبر شريحة اجتماعية، وبالتالي فان إيجاد المناخ الاجتماعي المثالي، لبث المعلومات الكاذبة، بمثابة الخطوة الاساسية، حيث يحاول اصحاب مشروع التزييف بناء جماعة اجتماعية تعمل للترويج، والقضاء على جميع الهواجس، او الشكوك في المعلومات، بهدف خلق البيئة المناسبة، لتقبل جميع المعلومات، في مختلف الظروف.

عملية التلاعب بالحقائق، تتطلب مهارات وقدرات، ليست متاحة للجميع، لاسيما وان بث المعلومات الكاذبة دون تطعيمها، ببعض الحقائق يفضح أصحابها، مما يعرقل مشروع السيطرة على مصادر المعلومة، لاسيما وان التركيز على الكذب ليس مطلوبا في جميع الاحوال، نظرا للعواقب الوخيمة المترتبة على انتهاج هذه الطريقة، الامر الذي يستدعي استخدام دس السم بالعسل، اذ تبدأ العملية في البداية زيادة جرعة الحقائق، وتقليل نسبة التزييف، في مختلف المعلومات المنشورة، من اجل الحصول على الثقة الكبيرة، قبل الشروع في مشروع قلب الحقائق، والتلاعب في المعلومات بطريقة مغلوطة، بينما تبدأ عملية التزييف بشكل تصاعدي، مع الحصول على القبول الاجتماعي، وسهولة تداولها مختلف الشرائح الاجتماعية.

التدرج في بث المعلومات عملية مدروسة، حيث توضع سقوف زمنية لكل مرحلة، حيث تختلف كل مرحلة عن الاخرى، تبعا لمستوى الاختراق، ومدى تقبل الاطراف المستهدفة، بمعنى اخر، فان الفترات المحددة تبقى مفتوحة، للتأكد من نجاحها قبل الانتقال للمرحلة اللاحقة، لاسيما وان الأدوات المستخدمة في كل مرحلة، تختلف عن المرحلة السابقة، مما يتطلب الحصول على القراءة الدقيقة لنجاح المرحلة، خصوصا وان الاخطاء تكلف كثيرا، وتسهم في تعطيل مشروع تزييف الحقائق لفترة زمنية، احيانا افتضاح الامر بشكل علني، مما يسهم في إعطاء نتائج عكسية.

استخدام مختلف الأدوات من الأساليب المشروعة، في لعبة التلاعب بالحقائق، خصوصا وان المشروع يتطلب القفز على الحقائق، لوصول الى الصيغ المطلوبة، مما يفرض انتهاج العديد من الطرق في سبيل التلاعب بالمعلومات، لاسيما وان وصول الحقائق بدون تزييف، لا يخدم هذه النوعية البشر، بمعنى اخر، فان الحديث عن المصداقية ليس واردا على الاطلاق، نظرا لوجود مشروع يهدف للسيطرة، على مصادر المعلومات، وفرض حصار كامل على جميع المعلومات، نظرا للخطورة التي يمثلها وصول الحقائق، بدون تزييف او تلاعب.

كاتب صحفي