آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الاونروا.. التوظيف السياسي

محمد أحمد التاروتي *

قرار واشنطن ايقاف الدعم المقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى «الأونروا»، احدى الخطوات التصعيدية للادارة الامريكية لاجبار السلطة الفلسطينية، لتقديم المزيد من التنازلات، بشأن مبادرة البيت الابيض المتعلقة بقضية اللاجئين، فضلا عن تليين موقفها المتعلق بقرار الرئيس ترامب للاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل.

وكالة الاونروا تعمل منذ عقود على تخفيف معاناة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، في العديد من الدول العربية، مما يجعلها في حاجة ماسة للدعم المادي لمواصلة عملها، لاسيما وأنها تعمل كذلك على دعم الكثير من المدارس في الدول العربية بالمخيمات الفلسطينية، وبالتالي فان تقليص الدعم المادي يحرم عشرات الآلاف من الالتحاق بالمدارس، نظرا للافتقار للموارد المالية القادرة على تمويل استمرارية عمل تلك المدارس، بمعنى اخر، فان قرار ترامب يتحرك لحرمان الجيل الفلسطيني من حق التعلم، من اجل تحقيق مكاسب سياسية.

الادارة الامريكية تعمل على توظيف المعونات المقدمة للأونروا سياسيا، للحصول على المزيد من التنازلات من السلطة الفلسطينية، خصوصا وان محدودية الموارد المالية لدى السلطة الفلسطينية، سيحد من هامش المناورة لديها، والبحث عن خيارات بديلة، وبالتالي فان الضغوط الامريكية على الاونروا سيدفعها لتقليص حجم المساعدات، المقدمة لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني في لبنان والاْردن وسورية، فضلا عن الفلسطينيين في الاراضي المحتلة.

قرار البيت الابيض ينسجم مع الموقف الاسرائيلي الرافض للقرار الدولي، المتضمن عودة اللاجئين في الشتات، وبالتالي فان التحرك الامريكي يدعم المواقف تل ابيب، فيما يتعلق بملايين اللاجئين الفلسطينيين، في مختلف دول العالم، الامر الذي يدلل على عدم جدية الادارة الامريكية، في لعب دور محايد والنزيه في المفاوضات، بشأن القضية الفلسطينية.

خطورة القرار الامريكي تكمن في استغلال المعونات الانسانية لاغراض سياسية، الامر الذي يعطي دلالة واضحة على طبيعة، تعاطي ادارة ترامب مع مفاوضات السلام، فالقرار يفند التصريحات الداعمة لاستئناف المفاوضات، وتحريك عملية السلام، الساعية لإنشاء دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة عام 1967، بمعنى اخر، فان مراهنة البيت الابيض على تغييرات جذرية، في موقف السلطة الفلسطينية الرافض، لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل، على خلفية الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية للقدس، تلك المراهنة ذهبت ادراج الرياح، نظرا لإصرار الجانب الفلسطيني، على رفض القرار الامريكي، باعتباره خروج عن القرارات الدولية.

صلابة الموقف الفلسطيني، وعدم الرضوخ للضغوط الامريكية، يمثل الخيار المتاح حاليا، خصوصا وان تقديم المزيد من التنازلات، لا يخدم القضية الفلسطينية، فضلا عن ضياع حقوق الشعب الفلسطيني، وحرمان الملايين من العودة الى فلسطين مجددا، وبالتالي فان ايقاف المعونات الامريكية لوكالة الاونروا، لا يعدو كونه ورقة من اوراق الضغط العديدة، التي تمارسها واشنطن على الجانب الفلسطيني، لارضاء الحكومة الاسرائيلية، التي تتحرك للاستفادة من ادارة ترامب، في تحقيق الكثير من المكاسب السياسية.

كاتب صحفي