آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

مهالك الانغماس

المهندس أمير الصالح *

نقل لنا احد الاصدقاء في وصفه لحال قارئ نهم حتى قال: انه يقرأ طيلة يومه ويهرب من مقر عمله الى المقاهي الوادعة «كوفي شوب» ليستمتع بالقراءة ويختلي بكتبه؛ شغفه بالقراءة وصل حد انه تخلى عن كل التزاماته الأسرية ليتفرغ للقراءة طيلة وقته حتى يغلبه النوم. وهذا يذكرني بمن يتابعون نشرات الاخبار السياسية او الرياضية او المالية ليل نهار ويهملون اسرهم وحقوق ابناءهم. او ذاك النوع من البشر الذي ينغمس في التنقل من ديوانية لأخرى او من مجلس لاخر دونما اكتراث باحتياجات اهله له.

وفي قصة اخرى وصف لنا احد زملاء العمل حادثة وقعت لزميل له وهي انغماس وهوس شديد للذهاب لدولة مجاورة بشكل هستيري حتى بلغ به الامر ان طلق زوجته واتخذ من ذلك البلد المجاور مقر دائم له!!

وهذا يذكرني بسر تحويلات مبالغ مالية دائمة لبلدان عربية محددة وبشكل اشبه ب شلال مالي هادر على مدار السنين دونما جفاف.

وطرق مسامعي انه بعد انغماس في حب الطيبات الحلال من لذائذ الدنيا من قبل رجل مبتعث وزوجته من سفر وسينما وترفيه وفنادق ومطاعم حدثت تطورات بعد رجوعهما من بلد الاغتراب، انقلبت المعادلة فتعلقت ذات المرأة بالمحافل الدينية حد الاعتكاف وكثرة قراءة الكتب ذات الطابع الديني المتشدد والاستماع للمحاضرات لمحاضرين معروفين بالتزمت والنأي عن اي نشاط اجتماعي اسري ك الاعياد او حضور الافراح والتشدد في مسائل الطهارة واحكام مخارج الحروف في القراءة. وازداد الامر سوءا باهمال اهتمامها بأبناءها، حتى ان زوجها تبرم من فعلها، فرمته بالفاسق نعتا وانتهى الامر بتطليقها منه. ونقل لنا لاحقا تصدع العلاقات مع ابناءها حتى ولوج احد ابناءها لـ مرحلة الالحاد. وهذا يذكرني باهل زخرف القول ومنتحلي لباس الثقافة او التدين او العلمنة ممن لا يجيد السباحة ويرمي الاخرين اما بالكفر او الزندقة او الانغلاق او الارهاب او التخلف.

وفي تغطية صحفية، تكلم كاتب لاحد التقارير عن حمى الاستهلاك والشراء النهم الذي يلازم امرأة تدعى ام دخيل؛ حتى انها ادخلت اسرتها في دهاليز قروض بنكية متعددة إشباعا في رغباتها التسوقية. وهذا ذكرني بزميل عمل انهك ميزانياته بسبب دخوله في مشاريع عنتريه ومغامرات أشبه بلعب القمار ظنا بان رجولته لا تكتمل الا بتلكم المغامرات المهلكة حتى هجمت عليه النوائب وانعزل عن الناس.

قيل ومازال يقال: بناء الشخصية المسؤولة والمتزنة التي تعرف حقوقها وواجباتها وأولوياتها هي من ركائز الخطوات الاولى للوقوف على جادة الطريق السليم وتجاوز او تجنب فوضى انقلاب السيرة الذاتية وتشوش المفاهيم وتشكيل العلاقات البينية مع المحيط بروح الثقة المتبادلة. وقيل ايضا انه يتطور ذات الشخص ليكون لديه قيمه واهدافه ورؤيته في الحياة ليبلور استراتيجياته في كل مطلب من مطالب الحياة سواء في العمل او المنزل او الحي او المجتمع او الدولة او الاقليم او العالم.

في حياة بعض الافراد، قد تحدث انتكاسات او شقلبات او تغييرات او تعثرات ولكن تلكم الامور اذا ماكانت عميقة فانها سرعان ما تتلاشى في نفس الشخص. اما اذا وصلت الشقلبات الى درجة الانقلاب فان كل شخص يتحمل تبعات انقلابه. والناجحون يتعلمون من قصص الاخرين ويستنطقون كل تجربة سواء الناجحة فيستنسخوا النجاح او الفاشلة فيتعضوا بها. والواقع الذي شاهدناه ان هناك بعض من انواع الانغماس المحمود ك بر الوالدين والسعي لخدمة الناس ونشر العدل بينهم الا انه ما يخذل البعض هو الانغماس في السلبيات فذاك يورث الاسفاف او الافلاس. فليكن الاعتدال سمة فيما بيننا.