آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

الشيخ المشاجرة: صوم الصمت بدعة.. واحذروا الطقوس اللادينية

أريشفية
جهات الإخبارية سوزان الرمضان - القطيف

أكد الشيخ إسماعيل المشاجرة على أن الاسلام لم يشجع على صوم الصمت كعبادة توقيفية، كما يدّعي البعض في تدبّرهم القرآن، وليس لديهم خبرة أو اطلاع على التراث الإسلامي، محذّرا من الوقوع في هذا المحظور.

ولفت في محاضرته العاشورائية ”استنطاق الذات" التي ألقاها في حسينية السنان بالقطيف، إلى شيوع ظاهرة وصف الصمت بأنه حالة عبادية وعرفانية، والدعوة لصوم الكلام تأسيا بمريم أو زكريا، موضّحا أنها حالات خاصة، وكانت بأمر من الله في الإمساك عن الكلام لأغراض معينة.

وشدّد على الإنتباه من تمرير مثل تلك الدعوات في بعض الرياضات كاليوغا، بالإضافة إلى الطقوس اللادينية الأخرى.

وذكر ان الروايات لم تشجّع على الصمت إلا في حالات: الخشية من زلاّت اللسان والثرثرة، ولطلب الحكمة والإتزان وتهذيب النفس والسلوك ”، مشيرا إلى أن هذا لا يعني إعلاء شأنه على الكلام الطيب“ فليقل خيرا، أو ليصمت".

ونوّه إلى أهمية الصمت بقصد الإنصات وأن الأخير مندوب شرعا ومن الأدب العقلي، لافتا إلى أدنى مراتبه عند علماء تطوير الذات وهو ”مايكون مرفقا بالتجاهل، ثم الإنصات الصوري، فالإنصات الإنتقائي لبعض الكلمات بغرض نقضها وإهمال الحجج القوية، ثم الإنصات العقلي واعتباره في أعلى المراتب، من الإستماع بمجاميع العقل“.

ولفت إلى تحذير الشريعة من هذا النوع من الإنصات، ”فلا بد أن يميّز الانسان ويعرف اين يأتمن عقله، وهل يقرّبه ذلك من الله أم لا“، داعيا إلى توخي الحذر مما يصلنا من الأفكار والمقاطع الصوتية والمرئية في وسائل التواصل الإجتماعي، والتأكد فيما إذا كانت تقرّبنا إلى الله، أم هي نوع من الترف الفكري.

ولفت إلى جعلهم ”للإنصات العاطفي“ أكمل درجات الإنصات، في التعايش مع الآخر والإستماع له بكامل المشاعر ”فيحزن لحزنه ويتألم لألمه“.

وذكر مايشترك به علماء الأخلاق مع علماء تطوير الذات في نوعي الإنصات ”الحسي، والعقلي“ من الإنصات لأفكار وحواس ومشاعر الآخر، وإضافتهم ”الإنصات القلبي“ في ”استقبال“ مشاعر الآخرين، مشيرا إلى أهميته في الإنفتاح على الموعظة، وتأثيره في أمثال بشر الحافي، والحر الرياحي، وأبي ذر الغفاري.

وبيّن آخر مراتب الإنصات في تقسيمهم وهو ”الإنصات الروحي“ أي تلبية نداء العبادة، وما يضفيه من حالة الخشوع والخضوع لمن يستمع إلى الله بقلبه وروحه.

وتطرّق لتحذير علماء التربية من المشاكل الإجتماعية السائدة هذه الأيام من عدم الإنصات وغياب الحوار بين الزوجين، وعدم الإستماع بمودة إلى الأبناء للتعرف على أفكارهم واستجلاء همومهم ومشاكلهم ليكسبوا إنصاتهم، والقدرة على توجيههم، ناهيك عن شعورهم الغربة مع آبائهم، لافتا الى المظاهرة التي قادها طفل ألماني في السابعة من عمره مؤخرا لانشغال أهاليهم بالهواتف الذكية.

ونوّه إلى ان عدم الإنصات للذات يولّد الشعور بالغربة معها، مشيرا إلى ثلاث قواعد في فن الاصغاء للذات وأولها أن: ”الصمت يعني الكثير من الضجيج في الداخل“ في النفس، والعقل، والقلب والمشاعر، فيجب أن لانغفله، ونستغله في محاسبة النفس.

ولفت الى القاعدة الثانية في أن ”الصمت مفتاح الحكمة والضمير“، بطرح الأسئلة على العقل والحواس والقلب والعاطفة: هل معارفي تقربني إلى الله أم نوع من الترف، هل أنا على استعداد لمراجعة قناعاتي وتعديلها وتغييرها، هل أسخّر حواسّي في مرضاة الله، أم أحرص على إمتاعها بمتع عابرة بدون تفكّر أوتدبّر أوتذكّر، هل أصرف عواطفي على مستحقيها كالأبناء والأبوين أم أتخبط وأحرم أقرب الناس منها".

وأوضح في القاعدة الثالثة ”الصمت طريق إلى الحكمة“ أهمية إصغاء الأمة وعودتها إلى ذاتها، وتوظيفها لمشاعرها وعقلها وحواسها، خاصة في ظل الانفتاح على الثقافات الأخرى وفي المؤتمرات والحوارات والمحافل الداخلية، بطرح الأسئلة: هل نحن مجتمع مُنجِِِز، أم يعيش بعفوية دون تسخير كفاءاته وطاقاته في خدمة أمته، هل نوظّف مشاعرنا بما يعود على مجتمعاتنا وطائفتنا بالنفع، كيف نوظّف عاطفتنا هذا الشهر لإيصال الرسائل التي أرادها الإمام الحسين ع فيما نراه من نهضته ومنهجه وتلامذته.

واختتم حديثه بموقف سفير الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل لأهل الكوفة، وملاحظته لهم، ومنهجه في وزن مجتمعهم، وبذله مايستطيع لإنقاذهم، وحين سلموه وتخلوا عنه، اختلى بذاته يباصرها، ليجد أن مشروعه الذي جاء لأجله لم يتحقق، وأن طريقه هو طريق الإمام الحسين، وأن ما عجز عنه الموقف لن تعجز عنه الشهادة.