آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

تراجيديا الخيال

المهندس هلال حسن الوحيد *

هل عادَ أحدٌ من الموتِ وقال كيفَ كانَ طعم الموت وهل عادَ من تأوهَ قبلَ الموت حتى ظننتهُ ماتَ مراراً كيفَ وكم كان الألم؟ يصف الأحياءُ مآسيهم فيمن رحلَ وكيف تتصدع أرواحهم وقلوبهم ولكن هل هذا هو الألمُ الفظيع أم ”إليكِ عني ما المعزي كالثكولِ“؟ أسئلةٌ هي برسم أن يستطيعَ الخيالُ أن يجعلَ من أجوبتها أسفلَ مراتبِ القبحِ أو أعلى مراتب الجمال.

لو رسمنا خطاً مستقيماً، الحزنُ في أقصاه اليمين والفرح في أقصاه اليسار، من يفرح من الأحياءِ نسمع تغاريده ونرى ابتسامته ويقول لنا كم هو جميلٌ الفرح ولكن من ماتَ لا يخبرنا. ما يفعله الشعراءُ والفنانون والممثلون والراسمونَ سوى محاكاةٍ في وصفِ صورٍ معلقةٍ على الجدار في مماثلةٍ  فاشلةٍ لكمِّ الوجع الذي يرافق الموتَ حتى أننا وبكل راحةٍ نعتبرها تراجيديا وموت الخيالِ الشريف والرفيع. كيف إذا كانت طريقة أو مقدمات الموت مستجدةً في علم وظائف الأعضاء ”الفسيولوجيا“ من حيث الألم؟

هل في التراجيديا وخيالها الواسع فائدة؟ نعم لا يزال المؤمنونَ يذكرون المنشارَ والمرأةَ البغيَ عندما يتذكرونَ النبي يحيى وكذلك ماذا لو سُمَّ الحسينُ أو مات غيلة؟. سوف يذكره الناس ولكن ليس كما يذكرونَ ذاك السيدَ الكبير الحجازي الذي كان يرتقي كتفي الجَدَّ في الصغر، قتله الناسُ قتلةً لم يكن مثلها في التاريخ حيث انتهى صريعاً جنب النهر الذي ترتد عنه أشعةُ الشمسِ بين النخيل يجري فيه الماءُ كأنه بطونُ الأفاعي.

آلامٌ سارت بأخبارهَا الركبان وجاء التوابونَ والمختار لكن كيف يصور الخيالُ ويدرك طفلاً هبط من العلوِّ وصار يمشي في قيدِ الحبال وكيف يستطيع الخيالُ أن ينفذ الى جوعه وعطشه وكيف يستطيع الخيال أن ينقل شعورَ امرأةٍ كانت النساء تشق لها الصفوفَ وبعدها صار النساءُ يستعرضونهَا ومن لا يعرفها من العبيدِ يودُّ لو استعبدها؟

ينجح الخيالُ في نقلِ بعضِ الألمِ ولكن المآسي تختمرُ في الزمن حتى يأتي يومٌ يعرضها الربُّ كما حصلت بالصوتِ والصورة، يرمي بها وجوه الظلمة ويحضر المظلومون يقصون للحاضرين كيف كان الألمُ وكم كان! هنا ليس من خيال، هنا الحقيقة "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَ?ذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ? وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ? وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا".

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
طاهرة آل سيف
19 / 9 / 2018م - 1:20 م
حقيقةً لاينقل الخيال الآلام الحقة ، لكن ثمة فكرةً كتبها المنفلوطي قد تخدم الخيال ، حين قال :( لا يزال المعنى مشرداً ههنا وههنا حتى يحتويه بيت من الشعر حتى يستقر مكانه ، ثم لايزال البيت يتجانف عن الآذان ذات اليمين وذات الشمال حتى يقوده الصوت الحسن فإذا هو مستودع في الصدور ) .
قد تجسد ملكات البشر من شعر ومسرح ورسم وكتابة لبعض الآلام ولكن الأكيد أنها حتماً وُجدت من أجل التخليد . تقبلوا شكري وتحياتي ..
مستشار أعلى هندسة بترول