آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

مالذي نجنيه من الدراسة في لهيب الصيف؟

علي الموسى


ببالغ الأسف رحل مؤخراً طفل في عمر الزهور في غفلةٍ صارع فيها للنجاة من لهيب حرارة الشمس.. وهو محتجزٌ في حافلة حيث لم ينتبه أحد أنه بقي فيها.

للأسف أيضاً أنها ليست الحادثة الأولى ونسأل الله أن تكون الأخيرة.

الأب المكلوم المفجوع في ابنه قال عن الحادثة: ”هذه المرة الثانية التي ينسى فيها سائق الباص الطفل، ففي المرة السابقة كانت في موسم الشتاء وكان الجو مناسباً“

إلى جنان الخلد يا عبدالعزيز

لم تكن هذه الحادثة المأساوية ضرورية لندرك أن أجواء الصيف خاصة في مناخٍ شديد الحرارة غير مناسبة للدراسة إطلاقاً، وأن المعاناة القاسية التي يواجهها الطلاب في بداية كل عام دراسي ليس لها ما يبررها.

أسبوعان فقط يصنعان الفرق..

نعم لو جنبنا أبناءنا الطلبة قسوة الصيف القائض لكان الأمر مختلفاً.. ونعم؛ بعدها يبقى حر النهار في الخريف لكنه ليس بقسوة الصيف.

هل رأيت وجوه الطلاب بعد رجوعهم من حصص الرياضة والفُسَح وبعد عودتهم إلى منازلهم.. كيف هي محمرة من وهج الشمس ولفح الهواء الساخن؟

هل لاحظت كمية العرق الذي تشرّبته ملابسهم وكمية السوائل التي خسرتها أجسامهم؟

أي طاقة تبقى لديهم لإكمال الدراسة وهم لايزالون في فصولٍ تعجز أجهزة التكييف عن تبريدها في مثل هذا الوقت من السنة؟

ولازالت هناك أسئلة تبحث عن إجابة..

لماذا يقولون في منهج لغتي للصف الرابع في بداية كل سنة أن الدراسة تبدأ في الخريف؟

وفي الواقع أنها تبدأ في الغالب في لهيب الصيف المحرق!

فإما أن تبدأ الدراسة في النصف الثاني من شهر 8 أو النصف الأول من شهر 9

وما الفائدة المرجوّة من بدء الدراسة في لهيب الحر؟

هل المنهج يتطلب كل هذه الأسابيع؟ ونحن نعرف أن المنهج يمكن إتمامه في أسابيع أقل.. وحتى يمكن أن تقوم الوزارة باختصار ما لا يتطلب الإعادة والتكرار والتطويل.

مع العلم بأن كثير من الدول تبدأ فيها الدراسة في الخريف بالفعل.. أي في النصف الثاني من شهر سبتمبر.. وهي بلاد لا تصل فيها الحرارة إلى 45 درجة مئوية.. فضلاً عما يزيد على الخمسين التي تبلغها الحرارة عندنا!!

هل المباني المدرسية بدون أن تبنى على أسس سليمة تستجيب لمتطلبات البيئة الحارة القاسية من عوازل حرارية للجدران والنوافذ المزدوجة العازلة والتكييف الكفوء وباقي المتطلبات.. هل تساعد على سير العملية التعليمية في لهيب الصيف؟

هل ثبت «سنوياً» صمود أجهزة التكييف في مثل هذه الأيام الحارة؟ أم ثبت أنها تنهار وتتوقف في كل مرة في هذه الظروف لتبدأ من جديد أزمة الصيانة وتأخرها وعجزها الذي نعرفه جميعاً؟ ويتحمل التلاميذ وأساتذتهم ساعات الدراسة في فصولٍ حارة.. حتى يفرجها رب العالمين وينتهي الصيف فتتمكن المكيفات من القيام بما لا تقدر عليه أيام الصيف.

هل المباني المدرسية كلها مهيئة بصالات مغلقة مكيفة لاستقبال التلاميذ والطلبة في طابور الصباح والفسح وحصص الرياضة في هذه الأجواء؟ ناهيك عما تم أضافته لزيادة وقت الدوام وتأخير خروج الطلاب وقت الظهيرة؟

ودعونا نسأل «على المكشوف» مالفائدة من كل هذه المحاولات للضغط على المعلمين بتقليص العطلة وزيادة الدوام؟ من الذي سيستفيد؟ هل هم الطلاب؟ أم الاقتصاد الوطني الذي تستنزفه المباني المدرسية - وهي بالآلاف - بعملها في أسابيع من الصيف لا جدوى منها؟

والسؤال الأخير وأعتذر ممن سيتألمون لهذا السؤال.. هل يستطيع طفل أن يتحمل لهيب الحرارة المتجمعة في سيارة أو حافلة حُبس فيها في غفلةٍ تحت شمس الصيف الحارقة؟