آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:08 ص

الشيخ المشاجرة: للمسلم الحق في تقييم تجربته الأيديلوجية الدينية

أريشفية
جهات الإخبارية سوزان الرمضان - القطيف

استنكر الشيخ إسماعيل المشاجرة مادعا إليه صاحب كتاب ”التنوير الآن“ الفرنسي ستيفن بيكر، من تبني حركة التنوير كأيدلوجية، و”أن نستميت في الدفاع عنها كما يستميت أصحاب العقائد عن عقائدهم، لثمراتها وما أسهمت به في تطوير وازدهار العالم“ مدللا على ذلك بماساقه من أرقام ومؤشرات في الكتاب.

وحذّر الشيخ في محاضرته ”التنوير في نسخته الاخيرة“، بحسينية السنان في القطيف، الأحد الماضي، من الإنسياق وراء تلك الدعوات المتحيزة في نتائجها، مشيرا إلى أن للمسلم الحق في تقييم تجربته الأيدلوجية الدينية، فربما رأى أن ذلك الإزدهار يعود لحالة السلم والإستقرار النفسي التي يشيعها الدين، ولولاه لخاضت مجتمعاتنا حروب كالتي خاضها الغرب في الحربين العالميتين نتيجة لتلك الحركة.

وانتقد إنتقائية الكاتب واعتماده الإحصاءات من الساحة الغربية، والمفترض شموليتها بما انه يدّعي أنها ”المنقذ للبشرية“، مستدركا ”إلا اذا كان يقصد بها حركة التنوير بعد التعديل، واكتشاف الغرب لمنزلقاتها وتلافيها، فلايجوز له عندئذٍ إمتداح الحركة بالمطلق“.

وتطرّق لبعض النظريات الغربية والتي تتعارض مع النتائج السابقة، في رؤيتها أن المجتمع الاوروبي سيتعرض بسببها إلى الأفول، والحضارة الأوروبية في طريقها إلى الموت، ومن تلك النظريات ماساقه الكاتب الانجليزي ”دوجلاس موري“ في كتابه ”الموت الغريب لأوروبا“، في أن المد الاسلامي سينتشر في الدول الأوروبية نتيجة الحروب وما خلفته من هجرات جماعية، واستقبال المهاجرين من الشرق والذين احتفظوا بهوياتهم وشكلوا مجتمعات مغلقة داخل المجتمعات الأوروبية، وتأثُّر الغرب بالديانة الإسلامية للشعور بالجفاف والغربة الروحية نتيجة تخليه عن الدين.

واستهجن الشيخ المشاجرة على بعض التنويريين من العرب والمسلمين ”تقمص التجربة الغربية في التنوير بوعي أو بدون وعي، كلقلقة لسان، دون النظر إلى تداعيات ذلك من المس بالثوابت الدينية“.

وطالب المؤسسات الدينية والجهات المعنية، والطاقات الحوزوية المؤهلة والكفؤ في خوض مثل ذلك الغمار، في التصدي لتلك الإشكالات التي يطرحها ممن وصفوا أنفسهم بأنهم أصحاب مشاريع وفكر تجديدي، بمشاريع نقدية ضخمة ومضادة، ونقد كل مشروع منهم على حدة بحسب ما تقتضيه المنهجية العلمية، وعدم الإكتفاء باستطرادات خطابية سريعة.

وأشار إلى أن أبرز مواطن الخلاف مع الحركة التنويرية الغربية يكمن في ”الأساس العقلي“، لافتا إلى إتهامهم للمجتمعات الإسلامية، ”بإضفاء القداسة“ للذات الإلهية ورموزها، وأن الدين الإسلامي قائم على ”الطقوس“، مما تسبّب في الإنغلاق الفكري وعدم إعطاء العقل مساحته وحريته.

وقال الشيخ المشاجرة ان المسلم يرى القداسة لله ويتوجه له متذللا بالعبادات ”لأنه يرى أنه مصدر القيم العليا، والمباديء الكبرى، والحق، وكل خير في الوجود“، بينما ترى الحركة التنويرية التذلل ”للعقل“ وأنه ”مصدر القيم العليا، والحق، والمباديء الكبرى والحكم المطلق“، لافتا إلى ما أفرزته تلك النزعة المفرطة في تقديس الذات الانسانية، من التغوّل، ورفع ”العرق الآري“ على بقية الأمم، وإعطائه الحق في إبادة أمم.

وأضاف أن الدين الإسلامي شامل ومتكامل بنظرياته ورؤيته للكون والحياة وبأنظمته السياسيه والاقتصادية والإجتماعية والتربوية والمنبثّة في كل مرافق الحياة، منوها إلى أنه قد تقوم بعض الديانات غير السماوية على فكرة الطقوس.

واكمل؛ أن التنوير الغربي لم يتخل عن القداسة في أساسها، وغاية مافي الأمر أنه ”نقلها من مربع الى آخر“، فحين ينسب المسلم القداسة الى الله، نزعها هو من الذات الإلهية وأضفاها على الذات الإنسانية، وجعل الحكم المطلق للعقل، وأضفى القداسة والإحترام على رموزه ومبادئه وشعاراته التي يؤمن بها ”كالحرية“، لافتا إلى أنه لن يقبل مثلا أن يهين أحد ”تمثال الحرية“ وسيقاتل ويضحي من أجله، لما يمثله ذلك الرمز من ”انتمائه وهويته“.

وأشار الى تقديسهم ”للقانون“ واحترامه، وعدم الرضا بمسّه، أو توظيفه وانتهازه، ويرى المسلم ضرورة احترام تقنينات المنظومة الفقهية حتى لا تسود الفوضى، لافتا إلى أن ”مسار التقديس واحد، والخلاف يكمن في المصاديق وتحديد المصداق“.

وقال أن التنكر لأصل القداسة مرفوض لدى المسلمين، وعلى الرغم من الإتفاق على قداسة الكرامة والحقوق الإنسانية، إلا انها لاتعلو لدينا على حقوق الله، وهذا ما أدبّنا عليه الأئمة من تقديس الله وكل مايتصل به، وما فعله الإمام الحسين ع وأصحابه من التضحية بالنفس لأجل دين الله.