آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

علماء القطيف والمجتمع...

سلمان العنكي

كماهومعلوم تاريخياً، مجتمعات القطيف خصبة، خرّجتْ قامات من العلماء، في وقت يهيمن الجهل على كثير من المناطق ويرخي بضلاله عليها، ومن يرجع الى التاريخ ويقرأ ماضيه يراه عصر ظلام في تلك الفترات... في المقابل يجدمصابيحاً من العلماء في القطيف اضاءت ارضهاوانارت سماءها...

ولازالت في ادهان كبار السن ذكريات من العقود الماضية ان القطيف تسمى «النجف الصغرى» لمافيها من كثرة فطاحل العلماء، وفيهم من جمع بين علوم الدين والطب،،، في وقت «نجف العراق» حاضرة وحاضنة للعلم على مستوى العالم بأكمله، وكعبة لمن ارادله طلباً... والعالَم يومها في سبات عميق وظلام دامس من الجهل، وقريباً التاريخ يعيدنفسه، وتعود القطيف «النجف الصغرى» ان شاء الله.

اليوم القطيف في عصرها العلمي الزاهر. فيها من العلماء من هم فخرٌلها. العلماء يمرون بمسيرتهم التعليمية باربع مراحل تقريباً،،، الاولى: الطلبه حديثو اللحوق بالعلوم الحوزوية، يدرسون المبادئ منها اوكما تسمى بالمقدمات، ولعلى اولها اللغة... الثانية: مَن قطع شوطاً وانهى المقدمات ولكن لازال عليه المواصلة وانهاء الكثيرمن المناهج والكتب الحوزوية المعتادة التى تؤهله الى مستوى اذا تجاوزه يتمكن من التدريس فيها...

الثالثة: من وصل الى مرحلة التدريس المبدئي ولكن علية مواصلة الدروس الحوزوية المتقدمة الى الاعلى منها كلما امكنه، حتى يصبح بمقدوره المحاضرة على علماء من المستوى المتوسط «اي من هم دونه» وعلى الاغلب هذه المرحلة تحدد مستوى طالب العلم هل هومتفوق؟ هل من الممكن ان يصل الى مستوى عالٍ مثلاً؟ «لانهامرحلة البحث الخارج»...

الرابعة العلماء بمرتبة اومايسمى ب «آ ية الله» هم النخبةالمتميزة التي تمكنت من استنباط الاحكام وتعتمد على نفسها في الفتاوىولوتبعيضاً، ويمكن اعتماد الغير عليها اوعلى بعضٍ منها، وفي القطيف حالياً منهم مافيه فخرها وعزتها.... ولا استبعد ان تبرز في العقودالقريبة القادمة قيادات دينية «مرجعيات» يشاراليها بالبنان..

هذه نعمة من يحظى بها فقد اوتي حظاً عظيماً. وقد حظيت القطيف بها.. مقدمة بسيطة ومختصرة لما نريد الدخول فيه... نحن مجتمع يدين بماجاء به محمد وحمله آله من بعده عليهم جميعاً السلام.. نحن مجتمع واحد محب للعلم والعلماء ونتمسك بالدين، نشد على سواعد هذه الصفوة العلمية ونكن لهم كل احترام وتقدير، وهم اهل لذلك... ونقدر متاعبهم وانشغالاتهم وجهودهم المتواصلةفي طلب العلم لانه صعب التحصيل لدقة معلوماته، ويحتاج الى التزام اخلاقي وسلوكي. «درس في النهار للتحصيل وسهر في الليل للتحضير» نشكرهم على مايبدلونه... «ولكن في العين قذى وفي الحلق شجى» طرحُنا لهذا الموضوع يحتاج الى مكاشفة ولونسبية...

وانا اعتذر هنامن عرض بعض الآراء والمقترحات الغير موافقة للبعض،،، انا بشر قد اصيب وقداخطأ، ولكن لااخشى النقذ اومخالفة الرأي اذا كان بالرأي البناء، بل ارحب به، لاني مؤمن ان تداخل الآراء ومقارعتها لبعضها تقرب من الوصول لحلول، وتفتح آفاق من المعارف، وتظهر هواجس المجتمع، اما الاعتراضات والآراء الهدامة لاتعني شيئاً ولا اهمية لها عندي.

علماؤنا بشرتحصل منهم الغفلة ويتعرضون للنسيان وتلهيهم المتاعب احياناًوالانشغالات، وعليهم التزامات، ولايُعاب عليهم في ذلك، لكنها ليست مبرراً لمانطرحه فيمابعد ونطلبه منهم، «لرحمك وجارك حق، ولمجتمعك عليك حقوق»، علماؤنا من ناحية التواجد ثلاث فئات.

الاولى: النشط المتواجد والمتميز في المجتمع والمتواجدفي اغلب المناسبات، ومن حبه لمجتمعه تراه مُنظماً في مجموعات «قروبات» مع ماله من انشغالات ومابهامن ازعاجات ويطرح مواضيع كل يوم انشائيةاونقلية ويجيب كل من سأله.

ويتدخل احياناً اذا احتاجت مسألة لجواب اوجواب سؤال لتصحيح. وماذاك الا ليصل رسالة مفيذة لمجتمعه. وهو محل تقدير ومعزة خاصة في المجموعة... الثانية: من تجده عندالطلب ويمكن بصعوبة، اويبرز احياناً في بعض المواقف ولكن دون المطلوب بدرجات... ثالثا: فيهم وللاسف من نسي مجتمعه الى ان يصل امره لا يعلم بحيهم ولا ميتهم،،، ولايُعرف هو في حضر اوفي سفر...... وللمجتمع معهم مواقف،،، خاصة من بمستوى المرحلتين الثالثة والرابعة «كما وضحنا سلفاً»..

مع كثرتهم «يحفظهم الله ويزيدهم علماً وتقاًويطيل في اعمارهم»..

نحتاج ان ننادي احياناً من يصلي على الجنازةوتتصل ولامن مجيب والجميع ينتظر.. أمن المعقول يبحث ولي المسجد عن امام يؤم المصلين فلايجد الابصعوبةاولايجد؟.. المريض تغمره الفرحة حين يعوده عالم ويعتبر بيته بُورك بدخوله واذا به لايجد من يدخل عليه السرور ويرفع من معنوياته وعنه معاناته..... عزاء المتوفي ثلاثة ايام لاتجد بين المعزين عالماً في اغلب الاحيان، الامانذر ولاسباب... تكون مناسبة دينيةواجتماعية اوحفل شبابي بأنجازات للبلد لاتجد من العلماء من يشارك فيها.

ليس مطلوب من العالم حضوركل هذه المناسبات والمشاركة فيها. نعم يصعب عليه ذلك. ولكن كلاً ومَن قرُب منه. هلالي شهررمضان وشوال من يثبتهما لايبين على فتوى اي مرجع ثبٌت؟، حتى يعرف المقلدِ تكليفه، يصوم اولا؟ يفطراولا؟ يبقى في حيرة من امره والسبب عدم التوضيح.... على من يتصدى لتثبيت الهلال توضيح كيفية اثباته، حتى يعمل المقلِد مايوافق فتوى مرجعه.

ولوقلنا ماذكرناه مستحباً. «والعلماء اعلم به ان كان كذلك اولا لانهم اهل الاختصاص»... ماذا نقول عن صلة الارحام وحسن الجوار «على اي وجه كانت؟ وتكون؟» لوسألت عالِماً عن قطيعة الرحم أليست من الكبائر؟ بماذا يجيب؟» ان قال واجبة. هويعلم تارك الواجب مأثوم. ولايسعه غيرهذا القول. الاان يدلس.

نقل لي جمع من ابناء المجتمع ان لهذا العالم وذاك رحِم من الدرجة الاولى، اخ، اخت، عم، خال، يحتاج وقفة معنوية فقط. يصاب بعارض مرض وماشابه، اوتحترق داره. اويتعرض احد اولاده لحادث مميت. اومن مصائب الايام. ومااكثرها، فلا يسأل عنه مع علمه بها. ولاكأن الامريعنيه، «اما اذا كان عنده اماً اواباً، فهذه ام المعارك»،، لوكان من سائر المجتع وهو بمنزلته العلمية وبمالَه من مكانة اجتماعيه لوجب عليه الوقوف الى جانبه، كيف برحمه؟ ومنهم من يُعامل جاره كما يُعامل رحمه... أليس للجار حقوق؟ تعجز ان تأذي احدَها... تكون عنده المصائب ومع انه لاعداوة بينهما. وان سلّمنا هناك خلاف. يفترض ان مصابه ينهي الخلاف بمواساتك له ووقوفك جانبه، «وكلكم اعرف واعلم وافهم مني في هذا».... وهنا ايضاً ليس مطلوباًمنك كل يوم وانت على باب رحمك اوجارك، لااقل عندالحاجة، وقت المصيبة، والقائمة تطول ولكن وكما سبق وان قلنا هي مكاشفة نسبية، للاسف بعض الاخوان يشتبه عليهم فهم بعض المعاني.

مجرد نقد فكرة اونقذتصرف لعالم بأحترام ودون المساس بذاته. يقيم الدنيا ولايقعدها وكأنها جريمة لاتغتفر يدافع عنه بأستماتة، وكأنك خرجت من الملة اوغيرت فيها... «من انت حتى تُسفّه عقولَ الاصلاح بأخطاء الآخرين؟»..

نأمل ونرجوا «المطلوب» من العلماء ان يشدوا على ايدي بعضهم وان يكونوا وحدة واحدة كلما امكن «القطيف في حاجة ملحة لمجلس علمائي موحد يمثل جميع اطيافها بغض النظر عن التوجهات التقليدية،،،

وفي وقتنا الحاضراصبح هذا المطلب من الضروريات» ويتناسوا السلبيات التى بينهم ولوبنسبة تقربهم الى بعض وتلم شملهم، ولاعيب ان يرجع بعضهم الى بعض وقت الحاجة، وان يكّونوا سداً منيعاً ضد من يريدُ بنا سوءاً. ومن له رحم اوجار، «والكل منا له ارحام وجيران»، عليه ان يراجع وضعه وعلاقاته معهم.. كما نطالب ان يكون للعلماء حضور واضح في المجتمع في جميع المواقف والمناسبات وبقوة حتى تكون وجوه المجتمع مشرقة بهم، ولهم يدٌ واحدةٌ يرفعونها متشابكة.. وهذا مطلب اجتماعي على كل عالم ان يعمل له حساب.

نحن معكم... انتم قدوتنا واصحابنا... فبمن نقتدي؟ ومن نصاحب؟ اذاافتقذنا وجودكم ووجوهكم بيننا....... تحياتي للعلماء، وللمجتمع بجميع فئآته...