آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

كيف سينمو الاقتصاد السعودي؟ ”9“

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

لا يكتمل تناول نمو الاقتصاد السعودي إلا بالتنويه بأن محصلة النمو على مدى نصف قرن لم تكن صفرية، كما قد يتهيأ للبعض، وفي الوقت نفسه لم ترتق للتطلعات، كما أرادتها الخطط الخمسية للتنمية والوثائق الارتكازية التي أُسلّت منها تلك الخطط. الاقتصاد السعودي حقق على مدى نصف قرن معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي يقارب 5 في المائة سنويا، لكنه يتأرجح. وعند البحث والتقصي، أظهرت نتائج التشخيص أنه ينبغي إيجاد طريقة لاستقرار إيرادات الخزانة العامة. تعددت الخيارات، وعلى مدى ال50 عاما جرب عدد ليس قليلا منها. وفي عام 2016 ظهر بيان الميزانية بلغة غير معتادة، تركز على الإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية. عندها، كانت التساؤلات كثيرة: هل ستستطيع الحكومة إنجاز كل ذلك؟ وإن استطاعت فهل ستستطيع إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي ليكون الدعم موجها للمحتاج لا للفقير والغني على حد سواء، وليكون هناك فرق بين المواطن والسائح، وإن استطاعت فهل ستستطيع مضاعفة الإيرادات غير النفطية؟ أسئلة مشروعة بسبب ضخامة المتطلبات التي وضعها بيان الميزانية. الآن، بعد مرور نحو ثلاث سنوات كل منا يعرف إجابة الأسئلة. وبعد إعادة الهيكلة المالية، نحن الآن وجها لوجه مع تنويع الاقتصاد وزيادة نموه بما يتجاوز معدل نمو السكان، وفضلا عن ذلك، لابد أن يحقق اقتصادنا نموا يتجاوز 4 في المائة حتى تبدأ البطالة في التراجع. إذا، بعد وضع المالية العامة على ”سكة إعادة الهيكلة“، نحن أمام التحدي الأصعب: كيف نجعل الاقتصاد يتوسع؟ توسع الاقتصاد هو المحك، فهو ”قمة إيفرست“؛ هو الضمانة لإيجاد وظائف، ولتوليد فرص استثمار للرياديين والمتمولين، ولزيادة الطلب على السلع والخدمات، بما في ذلك زيادة الاستهلاك الخاص. وانتعاش الأجور. ومع ارتفاع معدل النمو تعود للاقتصاد حيويته، وترتسم معالم الرضا على كل الوجوه البائعين والمشترين والمستثمرين وأرباب العمل والموظفين وحتى الباحثين عن عمل، والسبب أن كلا سيحصل على ما يريد، إذ إن زيادة النمو الاقتصادي تعني الانتعاش والبحبوحة للجميع خاصة ذوي الدخل المحدود وانكفاء الغلاء، وتتسيد الوفرة، وكثرة الطلب على اليد العاملة بسبب ارتفاع الطلب على السلع والخدمات. التوجه الآن، كما اختطه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بتبني مشاريع عملاقة غير مسبوقة هو زيادة الإنفاق العام بما في ذلك الإنفاق الرأسمالي والاستثماري، ويتضح ذلك بإقرار الحكومة ميزانية تقارب نفقاتها تريليون ريال هذا العام وتتجاوز 1,1 تريليون ريال في عام 2019، حتى يولد الاقتصاد قيمة ويوفر وظائف.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى