آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

التفاتات بسيطة...

بدرية حمدان


السعادة احساس يجعلك تطير إلى السماء بأجنحة بيضاء

حيث الرحابة الواسعة. احساس يجعل الضيق يتسع

شعور يجعلك خارج نطاق الزمن والماديات وتسبح في السكر والنشوة وكأن السعادة كأس خمر يذهب بالعقل ليكسر حواجز الضوابط والقيود ليعيش الحرية المطلقة في التعبير

عن السعادة. فالتعبير عن السعادة في بعض الأحيان يكون

جنوني ويوقع في ملابسات خاطئة فهنا لابد

من إعادة ترتيب الضوابط العقلية والأتزان، فمن منا لا يتمنى السعادة فهي مطلب الجميع وكلا حسب وجهة نظره

البعض ينظر إليها من منظور مادي وكمالي والبعض من منظور معنوي ولكن الواقع الذي نعيشه تتحكم به الماديات

أكثر من المعنويات فالنظرة المادية هي السائدة لذلك صار التكالب على انتهاز الفرص والجري للحصول على اساسيات السعادة والكماليات التي يعبر عنها البعض أنها مصدر السعادة.

وهنا يتباذر إلى أدهان الكثير تساؤلات

يامن يمتلك الكثير من الماديات بل كل الماديات ما مستوى السعادة، عالي، متوسط، منخفض أم منعدم؟.

بلا شك أن الكل يسعى جاهدا لتكملة النواقص المادية عنده ولو بنسبة البعض القليل

ليحقق له نوع من السعادة التي تتمثل في رفاهية العيش الكريم وهذا لا ضير فيه. ولكن هل الحصول على الماديات

والكماليات الحياتية تحقق نسبة من السعادة المرجوة والمطلوبة بعيدة المدى وباقية الأثر. أم إذا كانت السعادة وقتيةفإنها تنتهي بمجرد امتلاك الأشياء لتتلاشى ويفقد كل شيء معناه ولايصبح له طعم. فهي مجرد قطع جامدة لا حياة فيها.

جانب مضيء جدا في داخل كلا منا وهو حالة الرجاء والخوف فهذا الجانب يحقق نسبة عالية جدا من السعادة

فالسعادة المحصورة بين الر جاء والخوف سعادة قوية التأثر

بعيدة المدى لها أثار مادية ومعنوية ممتدة ومتصلة بالسعادة الأخروية لأن أصلها متعلق وممتد بالرغبة والطمع،

الرغبة في رضى الله والطمع في رحمته وغفرانه.

فالحياة التي تكون بين هذين القوسين بالفعل حياة تتسم بالسعادة

عن الحا ث بن المغيرة عن أبي عَبْدِ الله ، قَالَ: قُلْتُ لَه مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ، قَالَ : "كَانَ فِيهَا الأَعَاجِيبُ، وكَانَ أَعْجَبَ مَا كَانَ فِيهَا أَنْ قَالَ لِابْنِه: خَفِ الله عَزَّ وجَلَّ خِيفَةً لَوْ جِئْتَه بِبِرِّ الثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ وارْجُ الله رَجَاءً لَوْ جِئْتَه بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله ، كَانَ أَبِي يَقُولُ إِنَّه لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَفِي قَلْبِه نُورَانِ نُورُ خِيفَةٍ ونُورُ رَجَاءٍ لَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ولَوْ وُزِنَ هَذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا «الكليني. الكافي ج2ص67»

فهذا التوازن العجيب يجعل القلب سليما يرفرف بجناحين

قويين ليحلق بصاحبه في عمق السعادة في كلا الحالتين

حالة الخوف التي يتعلق فيها القلب لطلب الخلاص والانفراج

من أي ضايقه

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.... فرجت وكنت أظنها لا تفرج

حالة من السعادة بطعم الفرج

«إن مع العسر يسرا» الشرح 5

كذلك حالة الرجاء التي تتمثل بالطمع في رحمة الله وحسن الظن به تعالى كما جاء في الحديث القدسي «أنا عند حسن ظن عبدي بي». الله ارحم الراحمين باعتقاد ويقين

حالة رجائية يعيشها الإنسان حتى لا يقع في بؤرة اليأس

قمة السعادة عندما تجد نفسك مقيد بأغلال الذنوب وعلى وشك الوقوع في الهاوية فتدير النظر إلى الخلف لتجد باب التوبة مفتوحا ويأتيك القبول بالرحمة والمغفرة ليخرجك من

حفر الظلام إلى منابع النور والفيض الإلهي حيث تحدث لك ولادة جديدة وأمل جديد لتبدأ حياة جديدة.

لنغير الزاوية التي ننظر منها إلى السعادة ليتغير الطعم والمذاق.

قال الإمام علي :

إنما السعيد من خاف العقاب فأمن، ورجا الثواب فأحسن، واشتاق إلى الجنة فأدلج. غرر الحكم 3906.

- قال :

السعيد من وعظ بغيره فاتعظ. الخصال: 621/1

قال رسول الله ﷺ:

السعيد من اختار باقية يدوم نعيمها، على فانية لا ينفد عذابها، وقدم لما يقدم عليه مما هو في يديه قبل أن يخلفه لمن يسعد بإنفاقه وقد شقي هو بجمعه. اعلام ابدين: 345