آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

الكذب.. الابتزاز

محمد أحمد التاروتي *

تجاهل الكذبة الصغيرة يدفنها مؤقتا، فيما المعالجة العلمية تقضي عليها نهائيا، بخلاف الكذبة الكبرى التي تتطلب معالجات فورية قبل استفحالها، خصوصا وان الكذبة الكبرى تتشابك فيها المصالح، من خلال تدخلات عديدة، مما يسهم في اتسطاع دائرتها لتتجاوز النطاق الضيق، الامر الذي يستدعي وضع الحلول المناسبة واحيانا تحريك جميع الادوات للسيطرة على الوضع، لاسيما وان هناك اطرافا تغذي هذه الكذبة الكبرى بطرق مختلفة، نظرا لامتلاكها الاصوات المرتفعة لتملأ الدنيا ضجيجا بالمعلومات الزائفة والمفبركة.

انتهاج طريقة الصمت وعدم الرد على الكذبة الكبرى، يضع الكثير من علامات الاستفهام ويعزز الاكاذيب، خصوصا وان التجاهل مع السيل الكبير من الاكاذيب غير المنطقية لا يخدم على الاطلاق، لاسيما وان الطرف المقابل يعمل على تكريس المعلومات الخاطئة لدى الرأي العام، مما يجعل من الكذبة الكبرى حقيقة دامغة، جراء سياسة التجاهل التام من قبل الطرف المستهدف، بمعنى اخر، فان عدم الرد على الاكاذيب ليس حلا في احيان عديدة، اذ المطلوب التعامل بمسؤولية تامة مع تلك الاكاذيب، بهدف القضاء عليها سريعا وعدم التراخي، نظرا للتداعيات السلبية الناجمة عن سياسة ”التجاهل“، وبالتالي فان الرد يكون عبر ”ردوا حجر من حيث اتى“.

التنافس على الزعامة يحرك الاطراف المتنافسة على استغلال المعلومات الصغيرة لتضخيمها وابرازها بشكل مغاير تماما، فالحرب الاعلامية الطاحنة لاستلام الزعامة تستدعي اللجوء الى الكذب في وضح النهار، اذ يحاول كل طرف استخدام الخيال الواسع في نسخ القصص غير المنطقية، بهدف احداث بلبلة في الوسط الاجتماعي واحراج الطرف المقابل عبر بث المزيد من المعلومات المغلوطة، بغرض وضع المنافس في دائرة ضيقة للغاية، وبالتالي تشديد الخناق على المنافس ومحاولة الحصول على مكاسب كبرى.

الطريقة المتزنة في امتصاص تداعيات الكذبة الكبرى، تمثل الخطوة الاولى لوضع النقاط على الحروف في معالجة التضخيم غير المبرر، فالارتباك في التعاطي مع الصدمة الاولى يشكل احدى نقاط الضعف، فالطرف الاخر يرصد عن كثب كل خطوة للتعرف على الطريقة المثلى للانتصار في معركة ”الكذب“، وبالتالي فان دراسة الخطوات لمعالجة الكذبة الكبرى عنصر اساسي في ايجاد الحلول المناسبة والقضاء عليها بطريقة مناسبة، خصوصا وان التغاضي او السكوت يسهم في تفاقم ”الكذب“ بشكل غير مسبوق، مما يجعل الطرف المستهدف في موقف غير محسود.

محاولة التعرف على الاغراض الحقيقية، وراء اطلاق الكذبة الكبرى، يساعد كثيرا في ضبط ايقاعات تلك الكذب، مما يحد من اتساعها بصورة غير مسبوقة، خصوصا وان الوصول الى الاهداف الكامنة وراء ترديد تلك الاكاذيب يساعد في الخروج من دائرة الاتهام والانطلاق باتجاه تفنيد الاتهامات والشائعات، من اجل معالجة الكذبة ”الكبرى“ بطريقة جذرية بعيدا عن الانفعالات والمعالجات السطحية والسريعة.

الفجور في الخصومة يدفع البعض لانتهاج اساليب بعيدا كليا عن التنافس الشريف، فهو لا يتورع عن الصاق الاكاذيب والتهم، حيث يستخدم الحلفاء في تمرير الكذب على نطاق واسع، مما يجعل الطرف الاخر في دائرة الاتهام، وبالتالي عدم القدرة على تكذيب تلك الشائعات المغرضة

كاتب صحفي