آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

طفولة في قفص الاتهام

بدرية حمدان

الطفولة برد وسلام ترتسم على وجه الحياة لتعبر عن البراءة والمعاني الجميلة. الطفولة كيان صادق لا يحمل الحقد والحسد ينسى الإساءة قلب مفعم بالإيمان متوكل على الله يعيش يومه ولحظته كما هي فطرة نقية لم تتلوث. الطفولة فراشة جميلة زاهية الألوان تسر الناظرين الطفولة حمامة سلام ترفرف هنا وهناك لتملأ الدنيا سعادة الطفولة حركات وضحكات تنعش الأجواء لعب ومرح في عالم بسيط خالي من التعقيدات، حلم جميل لطفلة ذات الخمس سنوات لم تعرف من الدنيا غير أب حاني يحتضنها بين ذراعيه فتضع رأسها على صدره تستمع إلى دقات قلبه الدافئ كأنها لحنا خالدا يعزف سنفونية الحب والحنان تتنفس من تلك الأنفاس المتصاعدة من ذاك الصدر لتشم فيها رائحة الأب العطوف تتغلغل تلك الرائحة لتبث فيها الحياة والأمل باللقاء يداعبها ويلاطفها فتعلو ضحكات تتناثر كالذر المنثور على وجناتها فيتبسم الوجه القمري أمام تلك القسمات الملائكية فتغذو روحها الشفافة كوشاح أبيض حريري يلف جسمها لتغفو في أمان في حضنه. طيف الأب الحاني لا يفارقها. تتوسد التراب في خربة مظلمة محاطة بالذئاب.

تستفيق من نومها بصرخات مفجعة مناديه أبتاه أبتاه أين أبي أريد أبي أريد حماي فما كان من يد الغدر إلا أن أخمدت ذاك الصوت لترتكب أبشع جريمة في تاريخ الطفولة حيث تلفظ تلك الطفلة انفاسها الأخيرة على رأس والدها المقطوع مخاطبة أباها:

يا أبتاه من الذي خضبك بدمائك. يا أبتاه من الذي من قطع وريدك، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر رقية كتبت بدمعتها في سجل التاريخ الجريمة المرتكبة في حق الطفولة من خلال رحلة السبي والعذاب التي عاشتها بعد فقد أبيها ومن ثم حبسها في خرابة من خرابات الشام لتقول للعالم أين حق الطفولة في الحلم أين حق الطفولة في العيش الكريم أين حق الطفولة في الأمان في اوطانهم.

رقية هي كل طفل جائع هي كل طفل مشرد لا يجد مأوى هي كل طفل لا يجد أمان هي كل طفل يتيم.

رقية هي دمعة كل طفل تنحدر على وجناته ظلما من غير وجه حق رقية هي الطفولة المعذبة. رقية هي جرح السنين والأيام الذي زاد كرب آل محمد فسلام على طفلة الطفوف عزيزة الحسين.