آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:09 م

الزعامة.. البهتان

محمد أحمد التاروتي *

تجاوز الخطوط الحمراء، لا يشكل مشكلة لدى اصحاب الزعامة ”الكاذبة“، فهولاء ينتهجون الحيلة والمراوغة في سبيل ازاحة الاطراف الاخرى من الطريق، بهدف الاستحواذ على القرار ورفض المشاركة، سواء الصغيرة منها والكبيرة، اذ يحاول استخدام الصلاحيات الممنوحة في الطريق الخاطئ، فالمنافسة على الزعامة خط احمر، وغير قابل للتفاوض على الاطلاق، الامر الذي يدفعه لارتكاب الجرائم على اختلافها، من اجل قمع مختلف التحركات الساعية للمنافسة على منصب الزعامة.

عملية قمع الاطراف المنافسة الساعية، لتبوأ المكانة الاجتماعية المرموقة، تتخذ اشكالا متعددة ووسائل مختلفة، فهي لا تقتصر على طريقة واحدة او اسلوبا محددا، خصوصا في ظل اختلاف الاطراف المنافسة، فهناك اطراف تتوارى عن الانظار بمجرد الشعور بالخطر من قبل الاطراف النافذة، فيما البعض الاخر يتجاهل التهديدات المباشرة وغير المباشرة، مما يستدعي ايجاد الوسائل المناسبة، لازاحتها من الطريق، بينما تحتاج اصناف اخرى لعقد صفقات سرية للابتعاد عن المنافسة، انطلاقا من قاعدة ”لا يخدم بخيل“، وبالتالي فان ”الكرم الحاتمي“ يتجلى بشكل واضح،، مع هذه النوعية من المنافسين.

امكانية ازاحة الاطراف المنافسة مرتبطة بالبيئة الاجتماعية السائدة، فهناك مجتمعات بشرية تفرض التسلط او الصوت الواحد، باعتبارها خطر كبير يهدد المسيرة التنموية للمجتمع، بينما لا تجد بعض المجتمعات ضيرا في الاستفراد بالساحة، من قبل عناصر محدودة، الامر الذي يشجع على مزيد من التسلط والقمع، بمعنى اخر، فان الثقافة الاجتماعية تمثل المعيار الحقيقي، في القدرة على الاستفراد وفرض الزعامة، فاذا كانت هذه الثقافة سلبية، وغير قادرة على تشجيع مبدأ المنافسة الشريفة، فان النتائج تكون

وخيمة على البيئة الاجتماعية، الامر الذي يتمثل في مزيد من القمع غير المبرر، تجاه مختلف الاصوات المنافسة، في ميدان الزعامة الاجتماعية.

الخطاب غير المتوازن، والهجومي في الغالب، ابرز ما يمير الثقافة القمية لدى بعض الزعامات، فهي لا تتورع عن الصاق التهم جزافا، تجاه الاخرين، بهدف التسقيط وسحب البساط من تحت اقدامها، لاسيما وان الزعامات تمتلك الموارد المالية والمنابر الاعلامية، القادرة على الترويج للخطاب التحريضي، تجاه الاطراف المنافسة، وبالتالي فان بروز الخطاب الهجومي مرتبط بوجود منافسة قوية، تهدد كرسي الزعامة الاجتماعي، مما يدفع لممارسة المزيد من التحريض، واستخدام المفردات غير المتوازنة على الاطلاق، من اجل تهيئة المناخ الاجتماعي المشجع، على اتخاذ خطوات اكثر تعسفا، تجاه الاطراف المنافسة.

البهتان يكشف فقدان التوازن، لدى بعض الزعامات الاجتماعية المهددة، لفقدان كراسيها، فالشعور بالضعف وعدم القدرة على المواجهة، للانتصار على الاطراف المنافسة، يدفعها لانتهاج سياسة ”الفجور“، وعدم الانصاف في ميدان المنافسة القائمة، بحيث يتجلى عبر استخدام المفردات غير المألوفة، في ادبيات الاختلاف، والمنافسة الشريفة، بمعنى اخر، فان الفجور في الخصومة يكشف المستوى الاخلاقي، لدى بعض الزعامات الاجتماعية، فهي لا تخجل من بث الشائعات ذات الطابع الشخصي، باعتبارها حقائق داغمة لا تقبل الشك، فالفشل في ميدان المواجهة المباشرة،، يجبر على الدخول في الامور الشخصية ومحاولة كسر الارادة لدى الاطراف الاخرى، من خلال التلويح باوراق حساسة بعيدة عن المنافسة القائمة.

كاتب صحفي