آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

العاطفة.. التعقل

محمد أحمد التاروتي *

التعاطي مع القضايا يختلف باختلاف صلة القرابة، ومدى الاطلاع على ادق التفاصيل، فالأمور بحاجة الى رؤية شاملة لجميع الزوايا، ومعرفة الاطراف المشتركة، والوقوف على المفاتيح الاساسية، من اجل الحصول على النتائج المثمرة خلال فترة وجيزة، لاسيما وان التحرك دون الإلمام بأدق التفاصيل، بمثابة مضيعة للوقت، مما ينعكس على النتائج المستقبلية.

سيطرة العواطف في التعاطي مع القضايا، يؤثر على اتخاذ القرارات السليمة والحازمة، مما يستدعي وضع العواطف جانبا قبل الانخراط في معالجة القضايا، لاسيما وان العاطفة تحجب الرؤية عن اكتشاف الحقائق، او محاولة غض الطرف عنها، نظرا لوجود نوع من التعاطف مع احد الاطراف المشتركة في القضايا، بمعنى اخر، فان تحكيم العاطفة يعرقل الحلول المناسبة في الغالب، الامر الذي يستدعي السيطرة على العواطف، قدر الإمكان وعدم الانسياق وراءها.

التحكم في العواطف لا يعني عدم التعاطف بطريقة، او باخرى مع احد الاطراف، بيد ان المشكلة تكمن في اتخاذ مواقف مسبقة، بعيدا عن المعطيات وتسلسل الاحداث، الامر الذي يفقد الأحكام الحيادية، والانصاف والانصياع للحق، وبالتالي فان العاطفة تشكل احد المحركات في ازاحة القضايا عن المسار الصحيح، نظرا لتغليب العاطفة على الحقائق، ومحاولة التهرب من الإقرار بالحق، مما يسهم في تفاقم الامور، وعدم القدرة على المعالجة بالطريقة المثالية، بمعنى اخر، فان التعاطف حالة فطرية لدى الانسان، والميول عملية طبيعية لدى بني البشر، بيد ان الانجرار وراء هذه العواطف، يسبب الكثير من المشاكل، جراء تغليب طرف على اخر دون وجه حق.

تحكيم العقل امر ضروري، باعتباره الحاكم في جميع الامور، فمقاومة العواطف وعدم الاستماع للعاطفة، والاستجابة لصوت العقل، عنصر حيوي للحصول على النتائج المطلوبة، نظرا لعدم تغليب طرف على اخر، حيث تشكل الحقائق الميزان الحقيقي، في اتخاذ المواقف، مما يعطي انطباعات لدى مختلف الاطراف، بوجود إرادة صادقة للتعامل على مسافة واحدة للجميع، وبالتالي لتحرك وفق اليات الحق، واستبعاد عامل العاطفة، كليا من القضايا على اختلافها، بمعنى اخر، استخدام العقل عملية إيجابية، في وضع الامور في الطريق الصحيح، مما يحدث حالة من الاستقرار الاجتماعي، جراء الانصاف التام لمختلف الشرائح، بعيدا عن العصبية الفئوية او القبلية او غيرها، من العصبيات المستندة على العاطفة.

التعقل مرتبط بالقدرة على قول الحق، وعدم الخشية من ردود الافعال المضادة، خصوصا وان العصبيات القبلية، تكون عنصر ضاغط احيانا، في اتخاذ مواقف محددة، الامر الذي يؤثر على الكثير من القرارات الحاسمة، بمعنى اخر، فان التردد وعدم القدرة على اتخاذ الموقف الصارم، احد أسباب تعطيل العقل، والانصياع وراء العاطفة، وبالتالي فان السيطرة على العواطف، مرتبط بنوعية القرارات المتخذة، فكلما كانت قريبة من المنطق والعقل، كلما كانت بعيدة عن العاطفة.

بكلمة، فان وضع خط فاصل بين العاطفة والعقل في معالجة القضايا، يساعد في تحريكها بالاتجاه السليم، فيما يشكل الخلط بينهما احد الاسباب وراء التورط في تعقيد الامور، وعدم السيطرة عليها بالشكل المطلوب، الامر الذي يتطلب وضع العاطفة جانبا، للحصول على القرارات الناجعة، للعديد من القضايا القائمة.

كاتب صحفي