آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:12 م

معلمون ومختصون: واجهوا العنف المدرسي ولا تكونوا لقمة سائغة لغضبكم

جهات الإخبارية فضيلة الدهان - القطيف

يتفشى العنف المدرسي في مدارس البلاد العربية والمملكة العربية السعودية ليست بمعزل عنها، بالرغم من أن المملكة هي أقل الدول العربية نسبة في معدلات عنف المعلمين على الطلاب إلا أنها مازالت تعاني من هذه الظاهرة.

ففي الأسابيع القليلة الماضية شهدت أحدى المدارس حالة عنف وقعت من أحد المعلمين على طالبه، وتناقلتها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

وقفت «جهينة الإخبارية» على عوامل العنف المدرسي وحيثياته وكيفية التصدي له، من خلال آراء عدد من المعلمين ومختص اجتماعي واخصائي نفسي.

لا مبرر عرفي أو أخلاقي للعنف

يرى المعلم أمين العالي أنه لايوجد أي مبرر عرفي ولا أخلاقي للعنف لا داخل المدرسة ولا خارجها، معتبراً أن اعتداء المعلمين على الطلاب نادر جدا مقارنة بعدد المدارس والطلاب في المملكة.

وأضاف؛ أن المدرسة جزء من المجتمع ومكوناته فما يحدث خارج أسوار المدرسة يحدث داخلها، وقال: «المعلم أب، كلما كبر عمره وزادت خبرته اتكأ على قلبه الكبير ليحتوي أبناءه».

وذكر أن مواجهة العنف تبدأ من كل بيت ثم تكبر الدائرة فتكبر المسؤولية، داعيا إلى احتواء الطلاب بالحب لزرع العلم وبه وتنمية شباب المستقبل.

اعتبار التعليم مهنة فقط

واعتبر المعلم حسين قريش أن العنف الواقع على الطالب عائد إلى اتخاذ التعليم لمهنة كباقي المهن واصطدام المعلم بواقع لايتوافق مع نفسيته كالتغريب والتعامل مع بيئات تختلف تماما مع ثقافته البيئية.

وأضاف أن وزارة التعليم لم تهيء بيئات تعليمية صحيحة من ناحية جودة اختيار المعلمين عن طريق اختبارات تحليل الشخصيه.

ونصح المعلمين بأخذ دورات تملك الذات والتمسك بالدين في نصائحه لمواجهة الغضب والغاضبين، داعيا لمعاملة الطلاب كالاخوان والابناء «افهمهم ستكسبهم».

ضعف كفاءة المعلم

وأرجع قائد مدرسة ربعي بن عامر المتوسطة بالقطيف محمد آل ثويمر العنف بنوعيه الواقع على الطلاب في بعض المدارس إلى ضعف كفاءة المعلم وعدم تأهليه بشكل كافٍ لممارسة التربية والتعليم، مضيفاً أن ازدياد أعداد الطلاب وتكدسهم في الفصول وكثرة الحصص والأعباء يزيد من توتر المعلم والضغط النفسي عليه.

وتابع؛ أن شعور الطالب بعدم الراحة ورغبته في الحركة والانطلاق في ظل غياب بيئة مدرسية جاذبة تحوي العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية التي تشبع وقته تساهم في ارتفاع غضب المعلم.

وذكر أن انقطاع أولياء الأمور عن التواصل مع المدرسة لمتابعة أحوال أبنائهم السلوكية والدراسية، مع الضعف التربوي الأسري الذي يغيب فيه وعي الطالب بأهمية احترام المعلم والمدرسة يؤدي لحالات العنف.

ولفت أن شبه انعدام حالات العنف الجسدي في مدارس البنات يعود لطبيعة المرأة وفطرتها العاطفية أكثر من الرجل، «فالمعلمة أم ذات قلب حنون تجاه طالباتها وبناتها وأولادها، وهذا لا ينفي وجود حالات عنف لفظي وسوء معاملة دون إيذاء جسدي في حالات محدودة في مدارس البنات»، مضيفا أن المعلمات في غالب الأمر يحرصن على الالتزام باللوائح والأنظمة الصادرة عن وزارة التعليم.

ونصح آل ثويمر برفع أعلى درجات ضبط النفس منبهاً أن كل حالات العنف تجاه الطلاب لا ينتج عنها إلا عنف من الطالب تجاه المعلم أو الطالب أو مجتمعه.

وحذر من أن تكون شخصية المعلم وسيرته «لقمة سائغة» للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمجتمع التنمر ضده والتهكم عليه واتهامه دون تثبت جراء ممارسة عنف لا تجدي نفعا.

ظاهرة العنف المدرسي عالمية

وأفاد المختص الاجتماعي جعفر العيد أن ظاهرة العنف في المدارس ظاهرة عالمية؛ وليست محصورة في المدارس السعودية والمملكة من أقل الدول العربية تعنيفا للطلاب مشيراً إلى أنه بعد صدور القرارات الحكيمة بمنع الضرب والايذاء ومحاسبة المعلمين الذين يعنفون الطلاب؛ فإن نسبة ضرب الطلاب هبطت الى درجة كبيرة.

وتابع أن انخفاض العنف في المدارس السعودية حدث نتيجة للمنع والمحاسبة؛ واعطاء الطالب تقديره ومكانته؛ ونتيجة للخطوات الكبيرة التي قطعتها الخطط والتطبيقات التربوية في عموم مناطق ومدارس البلاد.

ونوه أن اي قضية عنف لها تفاصيلها هي بحاجة إلى تهدئة وحكمة وتروي ودراسة جميع مجريات القضية لافتا أن المعلم ليس بمنأى عن تأثيرات وضغوطات الحياة المادية والأسرية والاجتماعية.

العنف والأثر النفسي للطالب

وذكر الاخصائي النفسي زكريا المادح أن ضرب الطالب في المدرسة يؤدي إلى انعزاله عن أقرانه لما يتعرّض له من إحراج بسبب ضربه أمام أصدقائه وربما يكون هذا الطالب قادراً على أن يكون من المتفوّقين ولكن مستواه الدراسيّ يأخذ بالتدنّي نتيجة التأثير السلبيّ على شخصيته.

ولفت أن ازدياد نسبة الضرب في مدارس الدول العربيّة وانتشار فيديوهات معاقبة الطلاب بالضرب في شبكة الانترنت دليلا على معناتها من الأمية.

واشار إلى أن المعلم يلجأ للضرب ليعيد هيبته التي فقدتها مضيفاً، «أن المعلم الذي يفكر بهذه الطريقة الخاطئة سوف يُنتج للمجتمع مزيداً من الأمة الجاهلة لأن هيبة المعلم لا تأتي بالضرب بل بالتعامل الجيد مع طلابه».

ونصح المادح المدرسين الغاضبين بالتعامل مع الطلاب كتعامل الاب الحنون لطفله وان ينتبه للاخطاء الشائعة في معالجة مشاكل الطلبة المشاغبين أو غير المنضبطين.

ودعا إلى نبذ العنف، ونشر ثقافة الإنصات والتواصل والتسامح بين الطلاب، والمعلمين وتنظيم اجتماعات ولقاءات مع أولياء الأمور لتحفز الاستماع إلى الطالب عن الحوار والتعبير عن رأيه، والاستماع إلى ملاحظات المعلمين حول الطالب ذاته.

وطالب المادح بتعزيز وتحفيز الأنشطة الثقافية، والرياضية، والمواهب في النظام التعليمي إلى جانب تفعيل دور المرشد الاجتماعي في البحث، ودراسة ومعالجة العنف من خلال التحقيق مع الطالب العنيف، والطالب المعتدى عليه، واتخاذ الإجراءات المناسبة وخلق فرص أو حصص دراسية تختص بالاستماع والتواصل مع الطلاب.

وتعزيز ثقة الطالب بنفسه، والابتعاد عن أسلوب التحقير والتهميش إلى جانب عقد الندوات والمحاضرات التي تثقف الطلاب عن ظاهرة العنف وأشكاله، وأضراره، وكيفية التعامل معه.